الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة » وكانت كلّ واحدة من هذه الطوائف الثلاثة صالحة لأن يبعث إليهم رسول خاص. وعلى ذلك فله أن يصرّح حسب مقتضيات المقام بأحد الأغراض التي اُرسل لأجلها ويسكت عن الآخرين بلا استنكار.
ويشير إلى ذلك قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « بعثت إلى الناس كافة ، فإن لم يستجيبوا لي فإلى العرب ، فإن لم يستجيبوا لي ، فإلى قريش ، فإن لم يستجيبوا لي ، فإلى بني هاشم ، فإن لم يستجيبوا لي ، فإلي وحدي » (١).
وقال الإمام الصادق عليهالسلام :
« انّ الله تبارك وتعالى أعطى محمداً شرائع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهمالسلام : التوحيد والاخلاص وخلع الانداد والفطرة الحنيفية السمحة ولا رهبانية ولا سياحة إلى أن قال : ونصره بالرعب وجعل له الأرض مسجداً وطهوراً وأرسله كافة إلى الأبيض والأسود والجن والانس » (٢).
ونظير ذلك لو بعثت انساناً لينجز لك اُموراً مختلفة ، وكان كلّ واحد منها صالحاً لأن يبعث لانجازه شخص خاص ، فعند ذلك يصح لك أن تقول : بعثته ليعمل كذا وتذكر أحد الاُمور التي بعث لأجلها وتسكت عن ذكر الباقي كما يصح للمبعوث أن يقول : بعثت لأفعل كذا ويذكر أحد الأهداف التي بعث لتحقيقها من دون أن يذكر الأمرين الآخرين وهكذا ...
على أنّ الآية التي استدل بها القائل على ضيق نطاق رسالته ، مكية ، وردت في سورتي الأنعام والشورى المكيتين ، ولم تكن الظروف في مكة تبيح له الاجهار غالباً بنفس رسالته ، فضلاً عن الاجهار بعالميتها ، فلا عتب عليه لو خص خطابه بجمع دون جمع. مع سعة نطاقها في نفس الأمر ، إذا اقتضت المصلحة ذلك لأنّ المرمى الأهم في هذه البيئة ، الاجهار بنفس الرسالة لا كمّها ولا كيفها وإن كان يصلح أن يصرّح في بعض
__________________
(١) الطبقات الكبرى ج ١ ص ١٩٢.
(٢) الكافي ج ٢ ص ١٧ وسيوافيك بعض الروايات عند البحث عن « الخاتمية في الأحاديث ».