فانّ تقفية النبيين الذين كانت نبوّتهم لقوم خاص قطعاً بعيسى بن مريم وكونه مصدقاً للتوارة المختصة ببني اسرائيل تشعر بكون نبوّته مثلهم أيضاً ، وقال سبحانه : ( وَقَالَ المَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ) ( المائدة ـ ٧٢ ).
وقال سبحانه : ( وَرَسُولاً إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ ) ( آل عمران ـ ٤٩ ).
وقال سبحانه : ( لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَىٰ أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ ) ( المائدة ـ ٧٠ ) ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ المَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ) ( المائدة ـ ٧٢ ).
ولا يخفى على القارئ ما فيها من الدلالة على كونه مبعوثاً إلى بني إسرائيل حيث جعل محور الكلام في الآيتين ، المرسلين إلى بني إسرائيل وقال : ( وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً ) ثم حكم بكفر من قال بأنّ الله هو المسيح بن مريم مشعراً بذلك بأنّ المسيح كان من المبعوثين إليهم وهم الذين ألبسوه لباس الالوهية وجعلوه إلهاً.
أضف إلى ذلك أنّ المسيح جعل محور الخطاب قوم بني إسرائيل وقال : ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ) ( المائدة ـ ٧٢ ).
نعم ظاهر بعض الآيات يفيد عمومية نبوّته ودعوته كما في قوله تعالى : ( وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ * مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ ) ( آل عمران ـ ٣ ـ ٤ ) ويعالج الاختلاف بما عالجنا به ما ورد في حق الكليم والتوراة ، بأنّ الاستغراق في قوله : ( لِلنَّاسِ ) عرفي لا عقلي ويراد من قومه : الكثيرون.
وقال العلاّمة في شرح التجريد : ذهب قوم من النصارى إلى أنّ محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم مبعوث إلى العرب خاصة (١).
__________________
(١) كشف المراد ص ٢٨٣ ط قم.