فهذا إقرار منهم على عدم عمومية رسالة المسيح.
وقال الطبرسي (١) في تفسير قوله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم ... ).
أي اذكر إذ قال عيسى بن مريم لقومه الذين بعث إليهم.
وقال العلاّمة في تهذيبه عند البحث عن تعبّد النبي ، قبل بعثته بدينه لا بدين من قبله من الرسل : الأقرب انّه عليهالسلام قبل النبوّة لم يكن متعبّداً بشرع أحد وإلاّ لاشتهر ولافتخر به أربابها ونمنع عموم دعوة من سبقه عليهالسلام (٢).
وقد عدّ العلامة ذلك من خصائص بعثته إلى الناس كافة (٣).
وها هنا سؤال : وهو أنّه إن كانت نبوّة المسيح مختصة ببني إسرائيل فلماذا جعل النبي نصارى العرب من أهل الذمة مثل يهود العرب وعامل النصارى واليهود معاملة واحدة مع أنّه ثبت أنّ الكليم كان مبعوثاً إلى خصوص بني اسرائيل ؟ والاجابة عن هذا السؤال سهلة : لأنّ من المحتمل جداً أنّ الرسول كان مأموراً بالحكم على كل متمسّك بالكتاب السماوي احتراماً للعنوان ، لا لكون الكتاب نازلاً فيه كما هو الحال في اتباع المجوس ، فعامل الرسول مع المتمسّكين بدين « زرادشت » معاملة المتمسّك بدين المجوس مع أنّ أهل الكتاب هو الثاني دون الأوّل.
ويؤيد كون رسالة المسيح عليهالسلام لقوم خاص اُمور :
١. إنّ أجداد النبي واُسرة البيت الهاشمي وجميع الأحناف في الجزيرة العربية ، كانوا على دين إبراهيم ولم ينقل أحد من أهل السير تهوّدهم أو تنصّرهم.
قال الزرقاني : إنّ العرب من عهد إبراهيم كانوا على دينه ولم يكفر أحد منهم إلى
__________________
(١) مجمع البيان ج ٥ ص ٢٧٩ طبع صيدا.
(٢) تهذيب الاُصول إلى علم الاُصول ص ٥٦ الطبع الحجري.
(٣) التذكرة ج ٢ اوائل كتاب النكاح والمطبوع منها غير مرقم.