وأمّا الأوّل ، فنقول : قيل : إنّه فعل القلب فقط. وقيل : إنّه فعل الجوارح ، وقيل : إنّه فعلهما معا.
ذهب الى الأوّل المحقّق الطوسيّ رحمهالله في بعض أقواله ، وجماعة من أصحابنا ، والأشاعرة (١).
والتّحقيق ، أنّه لا يكفي منه مجرّد حصول العلم ، بل لا بدّ من عقد القلب على مقتضاه وجعله دينا له ، عازما على الإقرار به في غير حال الضّرورة والخوف ، بشرط أن لا يظهر منه ما يدلّ على الكفر.
والحاصل ، أنّ محض العلم لا يكفي ، وإلّا لزم إيمان المعاندين من الكفّار الذين كانوا يجحدون بما استيقنت به أنفسهم ، كما نطقت به الآيات.
والى الثّاني : الكرّاميّة ، فجعلوه عبارة عن التّلفّظ بالشّهادتين والجوارح ، لعنهم الله تعالى ، فإنّهم جعلوه فعل جميع الواجبات والمستحبّات (٢).
وذهب بعضهم الى أمر آخر.
وأمّا الثّالث : فنقل عن المفيد رحمهالله والمحدّثين من أصحابنا ، وجماعة من العامّة أنّه التّصديق بالقلب والإقرار باللّسان والعمل بالأعضاء والجوارح.
__________________
(١) راجع «البحار» ٦٦ / ١٣١
(٢) في «البحار» ٦٦ / ١٣١ : أن يكون عبارة عن التّلفظ بالشّهادتين فقط وهو مذهب الكرّاميّة ، أو عن جميع أفعال الجوارح من الطّاعات بأسرها ، فرضا ونفلا وهو مذهب الخوارج وقدماء المعتزلة والعلّاف والقاضي عبد الجبار أو عن جميعها من الواجبات وترك المحظورات دون النّوافل وهو مذهب أبي علي الجبائي وابنه أبي هاشم وأكثر معتزلة البصرة.