ولا الدّليل القاطع [لدليل قاطع].
والثّاني : إنّ وضع الخطأ من مقلّدة أهل الحقّ دون غيرهم يستلزم الظّلم والقبح ، لأنّ المقلّدين إن كانوا غافلين عن وجوب النّظر والاستدلال ، ومطمئنين بما أخذوه غير شاكّين ، فكلّهم متساوون في العفو لئلّا يلزم الظّلم ، فلا مؤاخذة على مقلّدة غير أهل الحقّ كما أشار إليه الشيخ في آخر كلامه الأوّل لمقلّدة أهل الحقّ ، وإن كانوا متفطّنين لوجوب الاستدلال ، ومع ذلك تركوه ، فهم متساوون في فعلهم الاختياريّ أيضا بالفرض ، والفعل الاضطراريّ لا يصير منشأ لثواب ولا عقاب بالاتّفاق.
فإن قيل : الميل الى دين الإسلام فعل اختياريّ ، فمقلّدة أهل الحق أخذوا الحقّ باختيارهم لا بالاضطرار.
قلنا : ليس هذا الاختيار إلّا من جهة حسن ظنّ بهم ، واختيار جعل حسن الظنّ مناطا للاجتهاد مشترك بين الفريقين ، فما وجه جعل ذلك في حقّهم موجبا للخلود في الجنّة ، وفي حقّ الأغيار موجبا للخلود في النّار ، إذ الفريقان كلاهما بعد التّفطّن لوجوب النّظر والاستدلال إمّا يبقيان على اطمئنانهم السّابق ، أو يتزلزلان فيه. فمنشأ بقاء كلّ منهما على الحال السّابق في الأوّل ، وهو بقاء الاطمئنان الحاصل من حسن الظنّ الموجود فيهما ، فيلزم التّساوي.
وفي الثّاني تقصيرهما وعدم الاعتناء بأمر دينهما ، وهما متساويان فيه أيضا ، والإصابة الاتّفاقيّة لا يفيد شيئا مع أنّه لا يبقى حينئذ إصابة بسبب التّزلزل.
والقول بأنّ الكفر هو الموجب لدخول النّار لا عدم الإسلام ، وغاية الأمر هنا عدم الإسلام في جانب المقلّد للحق ؛ غير وجيه ، لأنّا مع قطع النّظر من أنّ الكفر هو عدم الإسلام لا أمر وجوديّ كما ذكره الأكثر.