جهة خوف أو تقيّة أو نحو ذلك ، ولا حجّة فيما نقله إلّا إذا ثبت به إجماع ، وأنّى له بإثباته.
الخامس : إنّ ما ذكره من وضع الخطأ لا بدّ أن يختصّ بالعدول التّاركين للكبائر ، وإلّا فلا معنى للوضع ، ويرجع الى عدم كونه معصية حينئذ ، وهو عدول عن القول بعدم جواز التّقليد ، فإطلاق القول بالوضع محلّ نظر.
وأمّا المحقّق رحمهالله ففي كلامه إشارة الى مذهب الشيخ رحمهالله ، وفي كلامه مناقشات لا يهمّنا ذكرها ، والاستدلال الأخير المذكور (١) في كلامه غير صحيح ، فإنّ حكم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بإسلام الأعرابيّ وعدم إلزامه بالاستدلال ، يدلّ على عدم وجوب الاستدلال لا على العفو.
وأيضا ربّما كان ذلك لأجل معرفته صلىاللهعليهوآلهوسلم من حاله أنّ إيمانه كان من الدّليل ، إمّا من جهة عقله ، أو من ملاحظة معجزاته ، أو غير ذلك.
وأيضا قد بيّنّا سابقا أنّ الحكم بالإسلام له معنيان : أحدهما لا يتوقّف على الإذعان ، فضلا عن الاستدلال ، فلعلّ الاكتفاء كان لإدخاله في زمرة المسلمين أوّلا ثمّ تتميم إيمانه وتشييده وتسديده على التّدريج ، حسب ما اقتضاه المصالح.
وحاصل تفصيل أحوال المكلّفين ، أنّ الجاهل والغافل رأسا أو في كيفيّة الأخذ بالاجتهاد معذور ، ولا فرق فيه بين المحقّ وغيره ، والفرق بينهما مخالف لقواعد العدل وللآيات والأخبار ، وقد بيّنّا سابقا وذكرنا أنّ الأحكام الثّابتة للكفّار في الدّنيا لا تنافي عدم تعذيبهم على الكفر في الآخرة ، فهم في الآخرة من المرجون لأمر الله ، فلعلّه يكلّفهم في الآخرة ويعامل معهم بوفق حالهم حينئذ.
__________________
(١) في «المعارج» ص ٢٠٠.