القطع برضاء رئيسهم.
أمّا الفتوى ، فلم يجتمع عندنا من فتاوى أصحاب الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام والتّابعين لهم التصريح بأنّ كلّ ظنّ يحصل من ظواهر الكتاب في كلّ وقت وزمان وإن كان بعد ألف سنة حجّة لكلّ من يحصل له من العلماء ، وإن كان بعنوان القاعدة.
وأمّا أرباب التّصانيف من متأخّري أصحابنا ، فإن سلّم اجتماعهم على تلك الفتوى فغير معلوم أنّ فتواهم بذلك وتجويزهم العمل بتلك الظّواهر إنّما كان لأجل أنّها ظواهر الكتاب ، بل لعلّه كان من جهة أنّه ظنّ من الظّنون الاجتهادية.
وأمّا حصول العلم برضاهم بتقريب حصول العلم بالتتبّع من أحوال السّلف بأنّهم كانوا يستدلّون في محاوراتهم ومناظراتهم بالآيات القرآنيّة من دون نكير ، فهو لا يستلزم أنّ ذلك كان من جهة إجماعهم على حجّية الظّواهر ، بل لعلّه كان لحصول القطع بها بسبب القرائن والأمارات ، وقد كان مختفيا على خصمه فاحتاج الى التنبيه ، كما نبّه الصّادق عليه الصلاة والسلام (١) على الرّاوي الذي كان يستمع على غناء الجواري حين جلوسه على الخلاء لمظنّة أنّه ليس بحرام لأنّه لم يأت إليها برجله ؛ بقوله عليهالسلام : أما سمعت الله يقول : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً)(٢).
واستدلال أبي بكر لعمر حيث شكّ في موت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)(٣) ، فمن ادّعى تحقّق الإجماع فالعهدة عليه ولا حجّة علينا.
__________________
(١) «الكافي» ٦ / ٤٣٢ ح ١٠.
(٢) الإسراء : ٣٦.
(٣) الزّمر : ٣٠.