الزّوال بسبب احتمال الحكم على خلافه بعد المرافعة لا يوجب الحكم بعدم ترتّب الآثار عليه ما لم يعرض له كسائر المعاملات ، ونظيره كثير لا حاجة الى ذكرها.
بقي الكلام في بيان جواز النّقض إذا ظهر بطلان الحكم أو الفتوى.
فاعلم أنّهم قالوا : إنّ عدم جواز النّقض إنّما هو إذا لم يخالف قاطعا.
وفسّره التّفتازاني : بالنصّ القطعيّ والقياس الجليّ.
وقال السيّد عميد الدّين : لا يجوز نقض الحكم ما لم يكن منافيا لمقتضى دليل قطعيّ كنصّ أو إجماع أو قياس جليّ. وهو ما نصّ الشّارع فيه على الحكم وعلّته نصّا قاطعا ، وثبتت (١) تلك العلّة في الفرع قطعا ، فإنّه حينئذ ينتقض إجماعا لظهور خطأه قطعا.
ومراد فقهائنا كالعلّامة في «الإرشاد» (٢) وغيره من البطلان حيث قال : وكلّ حكم ظهر بطلانه للحاكم قبل العزل أو بعده أو لغيره ينقضه ويبطله هو (٣) ، ذلك أعني المخالفة للدليل القطعيّ أو ظهور التّقصير فيه فيما ليس له دليل قطعيّ ، وكان من الاجتهاديّات لا مجرّد تغيّر الرّأي ، فإنّه ليس بظهور البطلان مطلقا ، إذ ربّما يتغيّر رأي المجتهد ويحصل له التّرجيح للرأي الآخر ، مع أنّه لا يظهر له بطلان الأوّل ويحتمل بعد صحّته أيضا ، فهو لا يجوز نقضه إلّا مع ثبوت التّقصير في الاجتهاد.
__________________
(١) في نسخة الأصل (ثبت).
(٢) «إرشاد الأذهان الى أحكام الايمان» ٢ / ١٤١.
(٣) مع تصرّف في العبارة من المصنّف وإلّا فكلام العلّامة هو : وكل حكم ظهر بطلانه فإنّه ينقضه ، سواء كان الحاكم [الحكم] هو أو غيره ... الخ.