وما ذكره المحقّق الأردبيلي في «شرح الإرشاد» (١) في تحقيق ظهور البطلان يؤول الى ظهور التّقصير في الاجتهاد لأجل قلّة التّتبّع وحسن الظنّ لبعض الكتب ، والاعتماد على مجرّد ما نقله بعض المحقّقين ، وجعل معيار ذلك والقاعدة الدالّة عليه هو مخالفة ما لو فرض الاطّلاع عليه لتتبّعه من الأدلّة ، وأنّ عدم الاطّلاع كان من جهة التّقصير.
فعلى هذا لا يضرّ مخالفة رواية لم يعثر عليها لأجل كونها في الكتب الغير المتداولة مثل «قرب الإسناد» (٢) و «المحاسن» (٣) أو لأجل كونها في غير بابها المعهود.
وكذلك لا يضرّ مخالفة بعض التّرجيحات في تعارض الأحوال أو مقتضى بعض المرجّحات المذكورة للجمع بين الأخبار بسبب تفاوت مراتب الظّنّ في الحالين ، فقد يتردّد الأمر بين حديثين صحيحين يدقّ الفرق في رجحان أحدهما على الآخر ، وقد يتردّد الأمر بين اختيار التّخصيص على الإضمار أو بالعكس ، وهكذا.
فهذا لا يقال له : ظهور بطلان الاجتهاد ، بل يقال : إنّه تغيّر رأيه ، ولكن يضرّ مخالفة حديث صحيح غير شاذّ مذكور في بابه المعهود فضلا عن الآية والإجماع والقياس الجليّ ، وغير ذلك ، فإنّ مخالفة المذكورات كاشفة عن التّقصير في الاجتهاد ، بل عدم الاجتهاد الصّحيح.
__________________
(١) «مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان» ١٢ / ٨٥.
(٢) لأبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري من أصحاب الامام العسكري عليهالسلام.
(٣) لأبي جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي من أصحاب الامام الرضا والجواد عليهماالسلام كما في «فهرست» ابن النّديم.