المسائل الفرعيّة هو ما أخذه عن الحيّ لا الميّت.
فهاهنا مقامان من الكلام لا ارتباط لأحدهما بالآخر ، وقد حصّل المقلّد في كلّ من المقامين ظنّا ، فعليك بلزوم ترجيح بناء المقلّد على ما أدّاه إليه الظنّ في الحكم الظّاهريّ ، دون ما أدّاه إليه الظنّ في الحكم الواقعيّ.
ولا ريب أنّ البناء على الثاني أرجح ، لكشفه عن الواقع ، ولأنّ المتتبّع يحكم بأنّ مراد الشّارع هو تحصيل الأقرب الى نفس الأمر ، لا مجرّد ما يقتضيه الدّليل ، وفي مقبولة عمر بن حنظلة وما في معناه من الأخبار دلالة على ذلك بالنسبة الى المجتهد والمقلّد كليهما فلاحظها.
وبالجملة ، على [عن] المقلّد بقول المجتهد ليس من باب التعبّد المحض ، بل لأنّه كاشف عن نفس الأمر ظنّا ، كما أنّ عمل المجتهد على الأدلّة كذلك أيضا.
ومن هنا يظهر بطلان القول بأنّ المجتهد إنّما يعمل على الظّنون المعلوم الحجّية دون غيرها ، فإنّه لا معنى له ، إلّا أنّ غير تلك الظّنون ليست بظنّ ، وإن قلنا : بكونها ظنّا ، فلا معنى لحصول الظنّ بغيرها مع كونها آكد في إفادة الظنّ ، إذ المراد من الظنّ الظنّ النّفس الأمريّ لا بشرط ، لا الظنّ بالشّيء لو فرض عدم شيء آخر يفيد الظنّ بخلافه ، بل لا يفهم من الظنّ المعلوم الحجّية إلّا أنّ المشهور جوّز العمل بها مطلقا لا بشرط أنّها هي ، فكأنّ الشّارع حين قال : اعمل بخبر الواحد ، إنّما أراد : اعمل بالظنّ ، لا بالظنّ الحاصل من الخبر لأنّه خبر ، وهذا ممّا يحتاج فهمه الى لطف قريحة ثاقبة مرتاضة.
فعلم من جميع ذلك أنّ الدّليل في التّقليد ليس هو محض الإجماعات المنقولة حتّى يقال : إنّها صريحة في الأحياء ، بل هو انسداد باب العلم ، وانحصار المناص في الظنّ ، والاعتماد على أصالة حرمة العمل بالظنّ ، وأنّ القدر اليقينيّ هو إخراج