ثمّ قال (١) بعد التّفريع المذكور : ولو كان بين الدّليلين عموم وخصوص من وجه ، طلب التّرجيح بينهما لأنّه ليس تقديم خصوص أحدهما على عموم الآخر أولى من العكس.
وذكر من جملة فروعه تفضيل فعل النّافلة في البيت على المسجد الحرام ، فإنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «صلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة فيما عداه إلّا المسجد الحرام» (٢) ، يقتضي تفضيل فعلها فيه على البيت لعموم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فيما عداه». وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أفضل صلاة المرء في بيته إلّا المكتوبة» (٣). يقتضي تفضيل فعلها فيه على المسجد الحرام ومسجد المدينة.
قال : ويترجّح (٤) الثّاني بأنّ حكمة اختيار البيت عن المسجد هو البعد عن الرّياء المؤدّي الى إحباط الأجر بالكليّة ، وهو حاصل مع المسجدين.
وأمّا حكمة المسجدين فهي الشّرف المقتضي لزيادة الفضيلة على ما عداهما ، مع اشتراك الكلّ في الصحّة وحصول الثّواب ، ومحصّل الصحّة أولى من محصّل الزّيادة.
ويمكن ردّ هذا الى الأوّل ـ يعني صورة التّعارض التي يجمع فيها بين الدّليلين مهما أمكن ـ فيعمل بكلّ منهما من وجه بأن يحمل عموم فضيلة المسجد على
__________________
(١) الشهيد في «التمهيد» ص ٢٨٤.
(٢) «الوسائل» ٥ / ٢٧٩ باب ٥٧ من أبواب أحكام المساجد ح ٥ وفيه : تتمّة الحديث إلّا المسجد الحرام فإنّه أفضل منه.
(٣) «صحيح البخاري» ١ / ١٨٦ باب صلاة الليل ، «صحيح مسلم» ٢ / ٢٠٩ كتاب صلاة المسافرين ح ٢١٣ ، «مسند أحمد» ٥ / ١٨٢ «الموطّأ» ١ / ١٣٠ صلاة الجماعة ح ٤.
(٤) في المصدر (ويرجّح).