الفريضة وعموم فضيلة البيت على النّافلة ، لأنّ النّافلة أقرب الى مظنّة الرّياء من الفريضة ، وهذا هو الأصحّ ، وفيه مع ذلك إعمال الدّليلين ، وهو أولى من إطراح أحدهما (١).
أقول : الفرق بين المقامين ، أنّ في الأوّل يرجّح الرّواية الدالّة على فعل النّافلة في البيت ، ويطرح دلالة الرّواية الأولى على استحبابها في المسجد في ضمن عموم : «صلاة في مسجدي».
وفي الثاني لم يطرح تلك الدلالة ، بل خصّ عمومها بأمر خارجيّ. وحمل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «صلاة في مسجدي» ، على إرادة صلاة فريضة.
والأمر الخارجيّ هو عدم مزاحمة الرّياء للفريضة غالبا ، فهو قرينة على أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد منها صلاة الفريضة ، فالجمع بين الدّليلين صار بإبقاء أحد العامّين من وجه على عمومه وهو ما عدا البيت. وتخصيص العامّ الآخر وهو : «صلاة في مسجدي» ، بالفريضة بأمر خارجيّ لا بالعامّ الآخر حتّى يلزم المحذور.
فظهر بذلك إمكان الجمع بين العامّين من وجه في العمل في الجملة ، ولكن لا بدّ أن تكون القرينة ممّا يعتمد عليها كما أشرنا سابقا.
والذي ذكر هنا ليس بذلك المعتمد ، إلّا أنّ عمل الأصحاب والشّهرة بينهم صار قرينة مرجّحة لهذا الحمل. وإن وردت روايات معتبرة في استحباب النّافلة في المسجد أيضا ، وعمل بها الشّهيد الثّاني رحمهالله في بعض تأليفاته ، ثمّ ذكر في «التّمهيد» (٢) فروعا أخر للعامّين من وجه.
__________________
(١) انتهى كلام الشهيد.
(٢) ص ٢٨٥.