وقد أغرب بعضهم (١) حيث أنكر طريقة المجتهدين في التّرجيح والاعتماد على الوجوه التي ذكروها ، لأنّه لا دليل على حجّية مثل هذه الظّنون ، بل لا بدّ من الرّجوع الى ما ورد في الرّوايات الواردة في العلاج ، ثمّ ذكر الرّوايات المختلفة ، ثمّ لمّا رأى اختلافها أخذ من كلّ منها شيئا ، وقدّم بعض تلك المرجّحات المذكورة فيها على بعض باجتهاده ، وحسب أنّ ذلك رجوع الى الرّوايات وغفل عن أنّ هذا ليس عملا بالرّواية ، بل هو عمل باجتهاده فكرّ على ما فرّ عنه ، لأنّه لا دليل على مطلق الجمع ، فقال : بتقديم العرض على الكتاب لكمال الاهتمام به في الأخبار الكثيرة ، وضمّ به أو السنّة المذكورة في بعضها ، ثمّ ملاحظة الصّفات المذكورة في رواية عمر بن حنظلة إن لم يعلم الموافقة والمخالفة ، ومع التّساوي ، فالترجيح بكثرة الرّاوي وشهرة الرّواية ، ومع التّساوي ، فبالعرض على روايات العامّة ، الى آخر ما ذكره ، ولا يدلّ على ما ذكره بالخصوص وعلى التّفصيل المذكور واحد من الرّوايات.
وأغرب من هذا ما اختاره بعض الأفاضل (٢) من الأخباريين المتأخّرين من حمل هذه الأخبار كلّها على الاستحباب لأجل اختلافها ، وورود إشكالات عليها ، قال : ومن تأمّل فيها وفي قول الصّادق عليه الصلاة والسلام أنّه هو الذي أوقع الاختلاف بين الشّيعة لكونه : أبقى لهم عليهمالسلام ولنا ، علم أنّ الأصل هو التّخيير في العمل والتّوقّف في الفتوى ومنع وجوب التّرجيح ، مستندا بأنّه لم يثبت لزوم التّكليف بما هو الواقع أو بما حصل الظنّ بأنّه كذلك ، مع كون الحديث المعارض
__________________
(١) يمكن مقصوده صاحب «الوافية» راجعه ص ٣٢٤ و ٣٣٣.
(٢) أراد به السيد صدر الدّين في شرحه على «الوافية» كما في الحاشية.