جائز العمل مظنون الصّدق فالمكلّف به هو أحد الأمرين بعنوان التّخيير أو التّساقط ، والرّجوع الى الأحاديث المطابقة لمقتضى الأصول.
أقول : وما ذكره من قول الصادق عليهالسلام معارض بقولهم عليهمالسلام : «كثرت علينا الكذّابة والقالة وإنّ الملاعين دسّوا في كتب أصحابنا» (١).
وقول أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام (٢) : «إنّ في أيدي النّاس حقّا وباطلا وناسخا ومنسوخا وصدقا وكذبا». وهذه الأخبار مع ما ظهر لنا بالعيان من السّوانح والاختلالات واغتشاش أمر الرّوايات وأخبارهم وكتبهم وتلف بعضها ، تنادي بلزوم التّفحّص والنّقد والانتخاب ، وكلّ الأخبار الواردة في علاج التّعارض ، دليل على وجوب ذلك كلّه ، [وهذا] مع انضمام قاعدة التّحسين والتّقبيح العقليين ، وبطلان التّصويب يقتضي لزوم الاجتهاد والتّرجيح ، فإذا أورد المتعارضان فلا يمكن العمل بهما معا ، فلا بدّ من بذل الجهد في تحصيل الحقّ والتّرجيح لئلّا يكون مقصّرا في تحصيل الحقّ.
قال الفاضل المتقدّم : من قال بالتّخيير ولا يعمل بالمجموع ولا يقول بحقيّتهما معا وقد سعى حتى حصّل حديثين ، يجوز له العمل بهما لو لا التّعارض ، ومع التّعارض قد رخّص الأئمة عليهمالسلام العمل وإن كان ما يعمل به مخالفا للواقع وقبيحا في نفس الأمر ، وأنتم أيضا تقولون بتجويز العمل بخلاف الواقع ، لأنّكم أيضا
__________________
(١) ومثلها في البحار ٢ / ٢٤٩ ح ٦٢ وفيها : فإنّ المغيرة بن سعيد لعنه الله دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي. وفيها أيضا : إنّ أبا الخطاب كذب على أبي عبد الله عليهالسلام ، لعن الله أبا الخطاب ، وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسّون هذه الأحاديث الى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله عليهالسلام.
(٢) «نهج البلاغة» الخطبة ٢١.