تقولون بالتّخيير ، ولكن بعد العجز عن التّرجيح.
وأنت بعد ملاحظة ما سبق لا يخفى عليك ما فيه ، فإنّ هذه الرّخصة من أين ثبتت ، ومن أين يحكم بأنّ حديث التّخيير في أوّل الأمر من المعصوم عليهالسلام دون غيره ، وأنّ مراده هو التّخيير قبل العجز عن التّرجيح أيضا ، سيّما بعد ملاحظة الأخبار الكثيرة الآمرة بلزوم التّرجيح.
وكما يجوز لك حمل تلك الأخبار على الاستحباب ، قلنا : إن نحمل هذا على ما بعد العجز عن التّرجيح ، فما وجه ترجيح ما ذكرت ، فإنّا لو سلّمنا عنك جواز العمل بأحد الخبرين من دون المرجّح في الفروع كيف نسلّم عنك في الأصول.
ولو سلّمنا عنك ذلك في الأصول ، قلنا : إنّ تقدّم العمل بوجوب الرّجوع الى التّرجيح بمقتضى واحد من الأخبار الدالّة عليه ، وبعد الأخذ به يجب العمل ، كاختيار أحد المجتهدين للمقلّد ، وقد بيّنا الدّليل على وجوب ترجيح الرّاجح وبطلان قول منكره في بحث خبر الواحد.
بقي الكلام في ترجيح الأقوال الثّلاثة عند التّعادل والعجز عن التّرجيح. والأظهر الأشهر المعروف من محقّقي متقدّمي أصحابنا ومتأخّريهم : التّخيير.
وقيل : بالتّساقط ، ولا رجوع الى الأصل.
وقيل : بالتوقّف ، والكلام في ذلك أيضا مثل الكلام في أصل التّرجيح من عدم جواز الرّجوع الى الأخبار في ذلك ، سيّما مع اختلافها في تأدية المقصود. فربّما حكم فيها بالتخيير أوّلا ، وربّما حكم به بعد العجز عن الترجيح ، لكنّها مختلفة في أنّ التّخيير بعد أيّ التّراجيح ، فلا يعرف من الأخبار موضع التّخيير الخاصّ به بحيث يرتفع الإشكال.
نعم ، يظهر من كثير منها أنّه بعد العجز عن التّرجيح ، فإذا حمل المطلق على