فمجمل التّحقيق فيهما ، أنّ من أوجب الرّجوع الى المجتهد المصطلح إن أراد مطلقا حتّى على الغافل والجاهل رأسا ، فهو خروج عن مذهب الإمامية وذهاب الى القول بجواز تكليف ما لا يطاق.
ومن جوّز الرّجوع الى غيره ، إن أراد ذلك مع تفطّنه لاحتمال بطلان ما ارتكبه من الأخذ عن غير المجتهد ، واحتمال وجوب الأخذ عن المجتهد فهو خروج عن مقتضى الدّليل ، وتقصير في حقّ التكليف ، إذ كما أنّ غير الغافل إذا تفطّن بوجوب القول بالخليفة بعد الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وتفطّن للاختلاف أو لزوم معرفة حال الإمام عليهالسلام ، وأنّه لا بدّ من اتّصافه بوصف يمتاز به عمّا عداه وقصّر في الاجتهاد في تعيينه ، واكتفى بتقليد أبيه أو أستاده أو غيرهما ، فهو مؤاخذ ومعاقب.
فكذلك فيما نحن فيه ، لا بدّ أن يتفحّص ويتأمّل في أنّ ما يعلم ثبوته إجمالا بضرورة الدّين ، ويعلم أنّه يجب عليه إتيانه والامتثال به من ذا الذي يجب أن يرجع إليه في بيان تفاصيلها.
وأمّا الغافل عن لزوم التأمّل في المرجع ، والمطاع الذي يعتقد أنّه لا إمام إلّا من قال والده بإمامته ، ولا يختلج بباله احتمال سواه ، ولا يبلغ فطنته فوق ذلك.
وكذلك من يعتقد أنّ أحكام الدّين هو ما علّمه أبوه أو أمّه ، ولا يختلج بباله احتمال سواه كالأطفال في أوائل البلوغ سيّما أطفال العوام ، بل ونسوانهم وأكثر رجالهم ، مندرجون في عنوان الغافل ، وتكليف الغافل قبيح ، والعبادات الصّادرة منهم إن وافقت (١) الواقع ونفس الأمر فلا قضاء عليهم أيضا ، لأنّ الأمر يقتضي الإجزاء ، وتكليفهم في هذا الحين ليس إلّا ذلك ، بل ولو لم يعلم مطابقته للواقع
__________________
(١) في نسخة الأصل (وافق).