ولا مقلّدا له ، فهل تقول : هذا الطفل الغافل الذي لا يختلج بباله احتمال أنّ المقصود منه غير ذلك أن يعذّبه الله تعالى على ترك التقليد ، وعلى فعل العبادة على النّهج الذي علّمه هؤلاء.
فإن قلت : لا يوجد هذا الفرض.
قلنا : كلامنا على هذا الموضوع ، ومع تسليمك الكبرى ، فلا يضرّنا القدح في الصّغرى ، لأنّها وجدانيّة ، مع أنّ إنكار ذلك مكابرة ومخالفة للحسّ والبديهة.
ثمّ إذا صار الطّفل أكبر قليلا وزاد اطّلاعه ومعرفته بسبب معاشرة النّاس وملاقاته لمن هو أعلم من هؤلاء ، ورأى مخالفة من هو أفهم من هؤلاء إيّاهم ، يرتفع ظنّه السّابق ويميل الى ما قال هؤلاء ، ويعتقد أنّ الشّريعة إنّما هي (١) ذلك لا ما علّمه هؤلاء الأوّلون ، وفي هذه المرتبة أيضا غافل عن احتمال أن يكون التّكليف غير ذلك ، وعن احتمال أن يوجد شخص أعلم من هذا الأعلم ، وتكليفه هو العمل بظنّه الذي اطمأنّ به الى أن يعثر على الفقيه في الكلّ والمجتهد المطلق.
ومرادنا من المجتهد هنا مقابل المقلّد والعامّي ، لا المجتهد المصطلح الذي هو مقابل الأخباريّ ، فإنّ العالم الأخباريّ أيضا مجتهد بهذا المعنى.
والحاصل ، أنّ المراد من المجتهد في هذا المقام هو البصير الذي يجوز الرّجوع إليه ، ثمّ إذا تدرّج الى أن يحصل له العلم وقوّة فهم الأدلّة في الجملة ، فيظهر له أنّ الطّريق إنّما هو الاستنباط عن الأدلّة وتحصيل ما هو مراد الشّارع عن تلك الأدلّة.
ثمّ إنّ في هذه المرحلة عرضا عريضا من أنّ المعتبر هنا هل هو مجرّد الظنّ الحاصل من الدّليل علي أيّ نحو يكون ، أو لا بدّ أن يكون على وفق قواعد
__________________
(١) في نسخة الأصل (هو).