الآخر. وعلى الأوّل ، يثبت المطلوب ، لأنّ استحقاق العقاب إنّما يكون لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه. وعلى الثاني ، يلزم خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا. ولو انفتح هذا الباب لجرى الكلام في واحد واحد من أفعال الصلاة ، ويفضي الأمر الى ارتفاع جلّ التكاليف ، وهذه مفسدة واضحة لا يشرع لأحد الاجتراء [اجتراء] عليه ، ومعلوم فساده ضرورة. وعلى الثالث ، يلزم خلاف العدل ، لاستوائهما في الحركات الاختياريّة الموجبة للمدح أو الذّمّ ، وإنّما حصل مصادفة الوقت وعدمه بضرب من الاتّفاق من غير أن يكون لأحد منهما فيه ضرب من التّعمل والسّعي وتجويز مدخليّة الاتّفاق الخارج عن المقدور في استحقاق المدح والذّمّ ممّا هدّم بنيانه البرهان ، وعليه إطباق العدليّة في كلّ زمان.
أقول : ولا بدّ من حمل كلام هذا المحقّق على صورة العلم بوجوب معرفة الصّلاة بشرائطها وأركانها ، بحيث يحصل له القطع أو الظنّ مع التّقصير فيه ، وأمّا الغافل فلا بدّ أن يختار فيه الشّق الثّاني.
وأجاب بعض الأفاضل : باختيار الشّقّ الثاني لو كان غافلا عن وجوب مراعاة الوقت وجاهلا بوجوب معرفة الصلاة بشرائطها وأركانها ، بحيث يحصل له القطع أو الظنّ.
وأمّا مع فرض العلم بوجوب المعرفة المذكورة ، فقال : إنّ الذي فعل في الوقت حينئذ ، معاقب على ترك السّعي لا على ترك الصلاة لإتيانه بها ، وليس التّحصيل والمعرفة من شرائطها ، بل هو واجب على حدة.
وأمّا الآخر فيعاقب على ترك السّعي وعلى عدم الإتيان بالصّلاة لعلمه بأنّه يجب عليه السّعي ليعلم الشّرائط ويأتي بالصّلاة التامّة ، فترك السّعي واستمرّ جهله فلم يأت بها مطابقة للواقع.