ودفع لزوم كون الأمر الاتّفاقي موردا للمدح أو الذمّ بأنّا نقول : إنّ المدح على فعل الصّلاة النّاشئ عن العلم ، ولم نقل بأنّ الذي فعل في الوقت مستحقّ للمدح بفعله في الوقت ، بل نقول بأنّه لا عقاب لتركه مراعاة الوقت من جهة جهله بها ، ولا ملازمة بين كون شيء غير مستحقّ للذّم والعقاب عليه وكونه مستحقّا للممدوحيّة ، بأن يكون كلّ من لم يستحقّ العقاب على شيء يستحقّ المدح عليه كما في تارك الزّنا لغير الله تعالى ، فغاية الأمر أن يكون الجاهل بمراعاة الوقت المصلّى فيه أقلّ ثوابا من العالم الذي راعى الوقت وصلّى فيه ، لأنّ الثّاني تقرّب الى الله بفعلين ، والأوّل بفعل واحد.
أقول : وفيه مع ما فيه ممّا يظهر من التأمّل فيما تقدّم ، أنّ هذا بعينه الخروج عن قواعد العدل ، فإنّ الأوّل لم يصدر منه شيء أزيد من وقوع فعله في الوقت اتّفاقا ، وفي الباقي متساويان ندرأ العذاب عن أحدهما دون الآخر خروج عن العدل. وكذا حصول المدح لأحدهما على أفعال الصلاة دون الآخر ، مع أنّ خلوّ الطّاعة عن الرّجحان واستحقاق المدح أيضا غير معهود ، وقياسه بترك الزّنا قياس مع الفارق ، فإنّ ترك الزّنا من التّوصّليات ، بخلاف فعل الصلاة في الوقت.
وقد احتجّوا أيضا : بالأخبار الدالّة على دفع الكلفة والعقاب عمّا لا نعلم ، مثل قولهم عليهمالسلام : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» (١). وقولهم عليهمالسلام : «من عمل بما علم كفي ما لم يعلم» (٢). وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «وضع عن أمّتي تسعة
__________________
(١) «الوسائل» ٢٧ / ١٦٣ ح ٣٣٤٩٦.
(٢) «التوحيد» ص ٤١٦ ح ١٧.