والواقع لم تبلغ أمة من الأمم ما بلغته الأمة الإسلامية من العناية بالتاريخ ، فوضع العلماء الشروط التي لا بد منها في توثيق الرواية وقبول الخبر. وكان لعلماء الحديث القدم المعلى في السبق إلى ضبط الأصول ووضع القواعد فيما يسمى علم الجرح والتعديل
وتعددت عند مؤرخي المسلمين أشكال البحث التاريخي ، كما تعددت مجالات التاريخ بمعناه الشامل والذي ينتظم النشاط الإنساني بأجمعه.
وبدأ اشتغال مؤرخي المسلمين بالسيرة ومغازي الرسول (فتناولوها من كل جوانبها ، وكان أشهر من تناولها شيخ السيرة محمد بن إسحاق المتوفى سنة ١٥١ ه في كتابه المبتدأ والمبعث والمغازي. وابن هشام المتوفى سنة ٢١٨ ه الذي هذب هذه السيرة. كما كتب المؤرخون المسلمون في التاريخ العام ، وأشهرهم محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة ٣١٠ ه ، وكتبوا في الأنساب ، وكتبوا في الفتوح ، ومنهم الواقدي والبلاذري ، كما كتبوا في تاريخ المدن وهو ما يهمنا في هذا الموضوع.
فقد كتب الكثيرون في تاريخ مكة المكرمة وأخبار البيت قبل السنجاري وبعده.
ويعتبر تاريخ مكة هذا من أهم المجالات التي تأتي في الصدارة من اهتمامات الباحثين وطلاب الدراسات العليا ، حيث أن تاريخها بؤرة تتجمع فيها إيجابيات العالم الإسلامي وسلبياته وتناقضاته. ومن هنا كان
__________________
واللفظ له.