فكانت الحجاز في عصر السنجاري تخضع لحكومتين : الأولى مركزية ومقرها استانبول ، والثانية محلية ومقرها مكة المكرمة ، تتسع رقعة سيادة الأخيرة وتضعف حسب قوة الشريف القائم (١).
ومن مهام الشريف الهامة الإشراف على تأمين قوافل الحج الوافدة من مختلف بقاع العالم الإسلامي من مصر والشام والعراق واليمن.
وتأمين الحج ، ولا شك هو أخطر وأصعب المسئوليات ، لذلك كانت علاقة شريف مكة بالقبائل القاطنة على طول طريق القوافل من أهم أعمال الشريف ، خاصة أنه لم تكن لديه قوة عسكرية نظامية ، وإنما كان يعتمد على نفوذه على هذه القبائل وعلى عصبته الخاصة به.
ولأن هذه القبائل كانت صلتها بالشريف صلة القوي بالضعيف ، فتارة يخوضون الحرب معه ، وتارة ضده (٢).
وكانت سلطة الشريف تمتد وتقصر حسب قوته ، فتارة يحكم مكة وما حولها ، وتارة تتعدى سلطته إلى نجد والإحساء (٣). وذلك نادرا ما كان يحصل.
وظل الأشراف يتعاقبون على حكم مكة المكرمة جريا على عادتهم سواء بالوراثة أو بالتغلب ، فلا يكاد يصل الشريف إلى منصبه حتى يبعث
__________________
(١) وقد ظهر ذلك جليا في كتاب السنجاري موضوع التحقيق. وانظر : عائض الردادي ـ الشعر الحجازي في القرن الحادي عشر الهجري ط ١ / جدة ١٤٠٤ ه / ١٩٨٤ م ١ / ٧٥.
(٢) كما سيظهر من خلال كتاب السنجاري موضوع التحقيق.
(٣) العصامي ـ سمط النجوم ٤ / ٤٦٤ ، ٥٦٣ ، ابن بشر ـ عنوان المجد في تاريخ نجد ١ / ٢٣ ـ ٢٤ ، ٢٦ ـ ٢٧ ، ٣٠ ، ٥٢ ، ٥٧.