وأما «ما» ، فقيل هي حرف زائد ، وقيل : هي اسم بمعنى الذي (١) فإذا قلنا : إنّ لا في لا سيّما هي التي لنفي الجنس ، كانت سيّ إمّا نكرة مبنية معها على الفتح ، أو معربة منصوبة مضافة إلى زيد مثلا ، وما زائدة ، والخبر محذوف أي حاصل أو موجود ، والتقدير : لا مثل زيد موجود ، ويجوز في الاسم الواقع بعد لا سيّما الرفع والنّصب والجرّ ، لكنّ الجرّ هو الكثير ، والرّفع قليل والنّصب أقلّ (٢).
وقد روي بالوجوه الثلاثة قول امرىء القيس : (٣)
ألا ربّ يوم لك منهنّ صالح |
|
ولا سيّما يوم بدارة جلجل (٤) |
فالجرّ على أن تكون ما زائدة والاسم مجرور بإضافة سي إليه ، والتقدير : لا مثل يوم ، والرّفع على أن تكون ما موصولة مجرورة بإضافة سيّ إليها ، والاسم بعدها خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير : لا مثل الذي هو يوم بدارة جلجل. وهذه الجملة لا موضع لها من الإعراب ، لأنّها صلة الموصول والنّصب على وجهين :
الأول : أن يكون منصوبا بفعل محذوف ، وما زائدة أي لا مثل أعني يوما.
والثاني : على أن تجعل لا سيّما بمنزلة إلّا فينتصب ما بعدها وهذا ضعيف ، لما بيّنّا من كونها ليست بمنزلة إلّا في صدر هذا الكلام ، ويجوز تخفيف لا سيّما ، ويجوز أيضا حذف لا منها للعلم بها (٥) كقولك : أكرمه النّاس سيّما زيد](٦).
__________________
(١) انظر آراءهم حولها في الهمع ، ١ / ٢٣٤.
(٢) شرح المفصل ، ٢ / ٨٦ وتسهيل الفوائد ، ١٠٧ والمغني ، ١ / ١٤٠ وحاشية الصبان ، ٢ / ١٦٨ والنحو الوافي لعباس حسن ، ١ / ٤٠٢.
(٣) هو امرؤ القيس بن حجر بن عمرو الكندي من فحول الشعراء الجاهليين ، انظر أخباره المشهورة في طبقات فحول الشعراء ، ١ / ٥١ والشعر والشعراء ، ١ / ٥٠. والبيت في ديوانه ، ٦٣ وروي منسوبا له في شرح المفصل ، ٢ / ٨٦ وشرح الكافية ، ١ / ٢٤٩ وشرح شواهد المغني ، ١ / ٤١٢ ـ ٢ / ٥٥٨ ـ ٧٢٦ وروي البيت من غير نسبة في مغني اللبيب ، ١ / ١٤٠ وشرح الأشموني ، ٢ / ١٦٧ وشرح التصريح ، ١ / ١٤٤ وهمع الهوامع ، ١ / ٢٣٤ ورواية الديوان :
ألا ربّ يوم صالح لك منهما.
(٤) موضع بنجد وقيل بغمر ذي كندة معجم البلدان ، ٢ / ٤٢٦.
(٥) قال أبو حيان : ولا يحذف لا من لا سيما لأنه لم يسمع إلا في كلام المولدين همع الهوامع ، ١ / ٢٣٥ وانظر شرح الأشموني ، ٢ / ١٦٨.
(٦) انتهى المثبت من حاشية الأصل.