وأمّا علم الأوقات (١) : فإنّهم وضعوا لها أعلاما كما وضعوا للمعاني (٢) فمنها : غدوة وهي علم على ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس ، والدليل على علميّتها ، ورودها في كلامهم غير منصرفة ، وليس فيها غير التأنيث بالتاء ، وهو لا يمنع إلّا مع العلميّة وذلك إذا أردت غدوة يومك المعيّن ، وتستعمل معرفة ونكرة ، وإذا نكّرت وعرّفت ، عرّفت باللّام كغيرها ، ويتصرّف فيها بمعنى أنها تستعمل ظرفا وغير ظرف (٣).
ومن أعلام الأوقات سحر : وهو علم لقبيل الصبح إذا أردت به سحر ليلتك والذي يدلّ على أنه علم وروده غير منصرف كقولك ؛ خرجت يوم الجمعة سحر ، غير منصرف وليس فيه ما يمنعه الصّرف ، غير أن تقدّر فيه العلميّة مع العدل عن الألف واللّام (٤) وورد معرفة ونكرة ، وإذا نكّر صرف كقوله تعالى : (إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا)(٥) وحينئذ لا يكون لسحر ليلتك على التعيين لتنكّره.
ومنها بكرة : ووردت غير منصرفة للتأنيث والعلميّة ، كما قيل في غدوة إلّا أن بكرة لا تكون إلا ظرفا فلا يتصرّف فيها كما تصرّف في غدوة (٦).
وأمّا علم الأعداد : (٧) فالقول بعلميّتها ضعيف ، لأنهم صاروا إليه لئلّا يبتدئوا بنكرة غير مخصصّة ، وذلك في نحو قولك : ستة ضعف ثلاثة وأربعة نصف ثمانية ، فستة ونحوها في مثل ذلك مبتدأ ، فلو لم تجعل علما للزم منع الصّرف بعلة واحدة ، ولزم الابتداء بالنكرة من غير تخصيص ، وأيضا فالمراد بها كلّ ستة ، فلو لا أنّها علم للزم استعمال مفرد النكرة في الإثبات للعموم ، ووجه ضعفه أنه يؤدي إلى أن تكون أسماء الأجناس كلها أعلاما ، إذ ما من نكرة إلّا ويصلح استعمالها كذلك مثل رجل
__________________
(١) المفصل ، ١١.
(٢) الخصائص ، ٢ / ١٩٨.
(٣) شرح المفصل ، ١ / ٣٩ وإيضاح المفصل ، ١ / ٩٣.
(٤) بعدها في إيضاح المفصل ، ١ / ٩٣ : ولو قيل إنه مبني لتضمنه معنى الألف واللام لم يبعد عن الصواب.
(٥) من الآيتين ٣٤ ـ ٣٥ من سورة القمر.
(٦) الخصائص ، ٢ / ١٩٨ وشرح المفصل ، ١ / ٣٩.
(٧) المفصل ، ١١.