شمس بضم الشين وأصله شمس بفتحها كما قالوا حجر وسلمى فيكون مما غير عن نظائره لأجل العلمية ا ه. وفي «الكشاف» في تفسير سورة أبي لهب بعد أن ذكر أن من القراء من قرأ (أبي لهب) بسكون الهاء ما نصه وهي من تغيير الأعلام كقولهم شمس بن مالك بالضم ا ه. وقال قبله : «ولفليته بن قاسم أمير مكة ابنان أحدهما عبد الله بالجر ، والآخر عبد الله بالنصب ، وكان بمكة رجل يقال له عبد الله لا يعرف إلا هكذا» ا ه. يعني بكسر دال عبد في جميع أحوال إعرابه ، فهو بهذا الإيماء نوع مخصوص من العلم ، وهو أنه أقوى من العلم بالغلبة لأن له لفظا جديدا بعد اللفظ المغلّب. وهذه الطريقة في العلمية التي عرضت لاسم الجلالة لا نظير لها في الأعلام فكان اسمه تعالى غير مشابه لأسماء الحوادث كما أن مسمى ذلك الاسم غير مماثل لمسميات أسماء الحوادث. وقد دلوا على تناسيهم ما في الألف واللام من التعريف وأنهم جعلوهما جزءا من الكلمة بتجويزهم نداء اسم الجلالة مع إبقاء الألف واللام إذ يقولون يا الله مع أنهم يمنعون نداء مدخول الألف واللام.
وقد احتج صاحب «الكشاف» على كون أصله الإله ببيت البعيث المتقدم ، ولم يقرر ناظروه وجه احتجاجه به ، وهو احتجاج وجيه لأن معاذ من المصادر التي لم ترد في استعمالهم مضافة لغير اسم الجلالة ، مثل سبحان فأجريت مجرى أمثال في لزومها لهاته الإضافة ، إذا تقول معاذ الله فلما قال الشاعر معاذ الإله وهو من فصحاء اللسان علمنا أنهم يعتبرون الإله أصلا للفظ الله ، ولذلك لم يكن هذا التصرف تغييرا إلا أنه تصرف في حروف اللفظ الواحد كاختلاف وجوه الأداء مع كون اللفظ واحدا ، ألا ترى أنهم احتجوا على أن لاه مخفف الله بقول ذي الأصبع العدواني :
لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب |
|
عنّى ولا أنت ديّاني فتخزوني |
وبقولهم لاه أبوك لأن هذا مما لزم حالة واحدة ، إذ يقولون لله أبوك ولله ابن عمك ولله أنت.
وقد ذكرت وجوه أخر في أصل اسم الجلالة : منها أن أصله لاه مصدر لاه يليه ليها إذا احتجب سمي به الله تعالى ، ثم أدخلت عليه الألف واللام للمح الأصل كالفضل والمجد اسمين ، وهذا الوجه ذكر الجوهري عن سيبويه أنه جوزه. ومنها أن أصله ولاه بالواو فعال بمعنى مفعول من وله إذا تحيّر ، ثم قلبت الواو همزة لاستثقال الكسرة عليها ، كما قلبت في إعاء وإشاح ، أي وعاء ووشاح ، ثم عرف بالألف واللام وحذفت الهمزة.