أخطأ غالبا ، وإن أصاب نادرا كان مخطئا في إقدامه عليه ا ه».
وقوله تمام مراد الحكيم ، أي المقصود هو معرفة جميع مراد الله من قرآنه ، وذلك إما ليكثر الطلب واستخراج النكت ، فيدأب كل أحد للاطلاع على غاية مراد الله تعالى ، وإما أن يكون المراد الذي نصب عليه علامات بلاغية وهو منحصر فيما يقتضيه المقام بحسب التتبع ، والكل مظنة عدم التناهي وباعث للناظر على بذل غاية الجهد في معرفته ، والناس متفاوتون في هذا الاطلاع على قدر صفاء القرائح ووفرة المعلومات.
وقال أبو الوليد ابن رشد في جواب له عمن قال إنه لا يحتاج إلى لسان العرب ما نصه : «هذا جاهل فلينصرف عن ذلك وليتب منه فإنه لا يصح شيء من أمور الديانة والإسلام إلا بلسان العرب يقول الله تعالى : (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [الشعراء : ١٩٥] إلا أن يرى أنه قال ذلك لخبث في دينه فيؤدبه الإمام على قوله ذلك بحسب ما يرى فقد قال عظيما ا ه».
ومراد السكاكي من تمام مراد الله ما يتحمله الكلام من المعاني الخصوصية ، فمن يفسر قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) [الفاتحة : ٥] بأنا نعبدك لم يطلع على تمام المراد لأنه أهمل ما يقتضيه تقديم المفعول من القصد.
وقال في آخر فن البيان من «المفتاح» : «لا أعلم في باب التفسير بعد علم الأصول أقرأ على المرء لمراد الله من كلامه من علمي المعاني والبيان ، ولا أعون على تعاطي تأويل متشابهاته ، ولا أنفع في درك لطائف نكته وأسراره ، ولا أكشف للقناع عن وجه إعجازه ، ولكم آية من آيات القرآن تراها قد ضيمت حقّها واستلبت ماءها ورونقها أن وقعت إلى من ليسوا من أهل هذا العلم ، فأخذوا بها في مآخذ مردودة ، وحملوها على محامل غير مقصودة إلخ».
وقال الشيخ عبد القاهر في «دلائل الإعجاز». في آخر فصل المجاز الحكمي : «ومن عادة قوم ممن يتعاطى التفسير بغير علم ، أن يتوهموا ألباب الألفاظ الموضوعة على المجاز والتمثيل أنها على ظواهرها (أي على الحقيقة) ، فيفسدوا المعنى بذلك ويبطلوا الغرض ويمنعوا أنفسهم والسامع منهم العلم بموضع البلاغة وبمكان الشرف ، وناهيك بهم إذا أخذوا في ذكر الوجوه وجعلوا يكثرون في غير طائل ، هنا لك ترى ما شئت من باب جهل قد فتحوه ، وزند ضلالة قد قدحوا به».