مرسومة في خاتم ليمنع ذلك من فتح المختوم ، فإذا فتح علم صاحبه أنه فتح لفساد يظهر في أثر النقش وقد اتخذ النبي صلىاللهعليهوسلم خاتما لذلك ، وقد كانت العرب تختم على قوارير الخمر ليصلحها انحباس الهواء عنها وتسلم من الأقذار في مدة تعتيقها. وأما تسمية البلوغ لآخر الشيء ختما فلأن ذلك الموضع أو ذلك الوقت هو ظرف وضع الختم فيسمى به مجازا. والخاتم بفتح التاء الطين الموضوع على المكان المختوم ، وأطلق على القالب المنقوش فيه علامة أو كتابة يطبع بها على الطين الذي يختم به. وكان نقش خاتم النبي صلىاللهعليهوسلم : محمد رسول الله. وطين الختم طين خاص يشبه الجبس يبل بماء ونحوه ويشد على الموضع المختوم فإذا جف كان قوي الشد لا يقلع بسهولة وهو يكون قطعا صغيرة كل قطعة بمقدار مضغة وكانوا يجعلونه خواتيم في رقاب أهل الذمة قال بشار :
ختم الحب لها في عنقي |
|
موضع الخاتم من أهل الذّمم |
والغشاوة فعالة من غشاه وتغشاه إذا حجبه ومما يصاغ له وزن فعالة بكسر الفاء معنى الاشتمال على شيء مثل العمامة والعلاوة واللّفافة. وقد قيل إن صوغ هذه الزنة للصناعات كالخياطة لما فيها من معنى الاشتمال المجازي ومعنى الغشاوة الغطاء.
وليس الختم على القلوب والأسماع ولا الغشاوة على الأبصار هنا حقيقة كما توهمه بعض المفسرين فيما نقله ابن عطية بل ذلك جار على طريقة المجاز بأن جعل قلوبهم أي عقولهم في عدم نفوذ الإيمان والحق والإرشاد إليها ، وجعل أسماعهم في استكاكها عن سماع الآيات والنذر ، وجعل أعينهم في عدم الانتفاع بما ترى من المعجزات والدلائل الكونية ، كأنها مختوم عليها ومغشّى دونها إما على طريقة الاستعارة بتشبيه عدم حصول النفع المقصود منها بالختم والغشاوة ثم إطلاق لفظ ختم على وجه التبعية ولفظ الغشاوة على وجه الأصلية وكلتاهما استعارة تحقيقية إلا أن المشبه محقق عقلا لا حسا. ولك أن تجعل الختم والغشاوة تمثيلا بتشبيه هيئة وهمية متخيلة في قلوبهم أي إدراكهم من التصميم على الكفر وإمساكهم عن التأمل في الأدلة ـ كما تقدم ـ بهيئة الختم ، وتشبيه هيئة متخيلة في أبصارهم من عدم التأمل في الوحدانية وصدق الرسول بهيئة الغشاوة وكل ذينك من تشبيه المعقول بالمحسوس ، ولك أن تجعل الختم والغشاوة مجازا مرسلا بعلاقة اللزوم والمراد اتصافهم بلازم ذلك وهو أن لا تعقل ولا تحس ، والختم في اصطلاح الشرع استمرار الضلالة في نفس الضال أو خلق الضلالة ، ومثله الطبع ، والأكنة.