أي لتختار التشبيه بهذا أم بذلك وذلك كقول لبيد عقب البيتين السابق ذكرهما :
أفتلك أم وحشية مسبوعة |
|
خذلت وهادية الصّوار قوامها (١) |
وقال ذو الرمة في تشبيه سير ناقته الحثيث :
وثب المسحّج من عانات معقلة |
|
كأنّه مستبان الشّكّ أو جنب |
ثم قال :
أذاك أم نمش بالوشي أكرعه |
|
مسفّع الخد غاد ناشع شبب |
ثم قال :
أذاك أم خاضب بالسّيّ مرتعه |
|
أبو ثلاثين أمسى وهو منقلب (٢) |
وربما عطفوا بالواو كما في قوله تعالى : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ) [الزمر : ٢٩] الآية ثم قال : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ) [النحل : ٧٦] الآية. وقوله : (ما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ) [فاطر : ١٩ ـ ٢١] الآية بل وربما جمعوا بلا عطف كقوله تعالى : (حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) [الأنبياء : ١٥] وهذه تفننات جميلة في الكلام البليغ فما ظنك بها إذا وقعت في التشبيه التمثيلي فإنه لعزته مفردا تعز استطاعة تكريره.
و (أو) عطفت لفظ (صيب) على (الَّذِي اسْتَوْقَدَ) [البقرة : ١٧] بتقدير مثل بين الكاف وصيب. وإعادة حرف التشبيه مع حرف العطف المغني عن إعادة العامل ، وهذا التكرير مستعمل في كلامهم وحسّنه هنا أن فيه إشارة إلى اختلاف الحالين المشبهين كما سنبينه
__________________
(١) المسبوعة : التي أكل السبع ولدها. وخذلت بمعنى تأخرت عن صواحبها في الرواح. والهادية المتقدمة. والصوار ـ بكسر الصاد ـ قطيع الغنم. والقوام ـ بكسر القاف ـ ما به يقوم الأمر أي تأخرت النعجة الوحشية ولم تهتد بمقدمة القطيع.
(٢) قوله : أذاك : الإشارة إلى حمار الوحش في الأبيات قبله ، وهو الذي أراده بالمسحج. والمسحج : المكدوم وهو من الصفات الغالبة على حمار الوحش لأنه لا يخلو عن كدام في جلده من العراك مع الحمر ، والنمش ـ بكسر الميم ـ الذي به النمش بفتحها وهو نقط بيض وسود ، وأراد به الثور الوحشي. والوشي : التخطيط. والمسفع : الأسود. والشبب : المسن من ثيران الوحش. وقوله خاضب أراد ذكر النعام فإنه إذا أكل بقل الربيع احمرت ساقاه. والسي ـ بكسر السين وتشديد الياء ـ المستوي من الأرض. وأبو ثلاثين أي له ثلاثين فرخا وذلك عدد ما يبيض النعام. ومنقلب : راجع لفراخه فهو شديد السير.