منه فحرف الرجاء على معنى فعل الرجاء إلا أنه معنى جزئي ، وكل من الفاعل والمفعول مدلول لمعنى الفعل بالالتزام ، فإذا دلت قرينة على تعطيل دلالة حرف الرجاء على فاعل الرجاء لم يكن في الحرف أو الفعل تمجز ، إذ المجاز إنما يتطرق للمدلولات اللغوية لا العقلية وكذلك إذا لم يحصل الفعل المرجو.
ثانيها : أن لعل للإطماع تقول للقاصد لعلك تنال بغيتك ، قال الزمخشري : «وقد جاءت على سبيل الإطماع في مواضع من القرآن». والإطماع أيضا معنى مجازي للرجاء لأن الرجاء يلزمه التقريب والتقريب يستلزم الإطماع فالإطماع لازم بمرتبتين.
ثالثها : أنها للتعليل بمعنى كي قاله قطرب وأبو علي الفارسي وابن الأنباري ؛ وأحسب أن مرادهم هذا المعنى في المواقع التي لا يظهر فيها معنى الرجاء ، فلا يرد عليهم أنه لا يطرد في نحو قوله : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) [الشورى : ١٧] لصحة معنى الرجاء بالنسبة للمخاطب ولا يرد عليهم أيضا أنه إثبات معنى في (لعل) لا يوجد له شاهد من كلام العرب وجعله الزمخشري قولا متفرعا على قول من جعلها للإطماع فقال : «ولأنه إطماع من كريم إذا أطمع فعل» قال من قال : إن لعل بمعنى كي ، يعني فهو معنى مجازي ناشئ عن مجاز آخر ، فهو من تركيب المجاز على اللزوم بثلاث مراتب.
رابعها : ما ذهب إليه صاحب «الكشاف» أنها استعارة فقال : «ولعل واقعة في الآية موقع المجاز لأن الله تعالى خلق عباده ليتعبدهم ووضع في أيديهم زمام الاختيار وأراد منهم الخير والتقوى فهم في صورة المرجو منهم أن يتقوا ليترجح أمرهم وهم مختارون بين الطاعة والعصيان كما ترجحت حال المرتجى بين أن يفعل وأن لا يفعل ومصداقه قوله تعالى : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [هود : ٧] وإنما يبلي ويختبر من تخفي عنه العواقب ولكن شبه بالاختبار بناء أمرهم على الاختيار فكلام «الكشاف» يجعل لعل في كلامه تعالى استعارة تمثيلية لأنه جعلها تشبيه هيئة مركبة من شأن المزيد والمراد منه والإرادة بحال مركبة من الراجي والمرجو منه والرجاء فاستعير المركب الموضوع للرجاء لمعنى المركب الدال على الإرادة.
وعندي وجه آخر مستقل وهو : «أن لعل الواقعة في مقام تعليل أمر أو نهي لها استعمال يغاير استعمال لعل المستأنفة في الكلام سواء وقعت في كلام الله أم في غيره ، فإذا قلت افتقد فلانا لعلك تنصحه كان إخبارا باقتراب وقوع الشيء وأنه في حيز الإمكان إن تم ما علق عليه فأما اقتضاؤه عدم جزم المتكلم بالحصول فذلك معنى التزامي أغلبي قد