بأن التاء فيه للمبالغة والمعنى اهبطوا مجتمعين في الهبوط متقارنين فيه لأنهما استويا في اقتراف سبب الهبوط.
وقوله : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ) شرط على شرط لأن (إما) شرط مركب من إن الشرطية وما الزائدة دالة على تأكيد التعليق لأن إن بمجردها دالة على الشرط فلم يكن دخول ما الزائدة عليها كدخولها على (متى) و (أي) و (أين) و (أيان) و (ما) و (من) و (مهما) على القول بأن أصلها ماما لأن تلك كانت زيادتها لجعلها مفيدة معنى الشرط فإن هذه الكلمات لم توضع له بخلاف (إن) وقد التزمت العرب تأكيد فعل الشرط مع إما بنون التوكيد لزيادة توكيد التعليق بدخول علامته على أداته وعلى فعله فهو تأكيد لا يفيد تحقيق حصول الجواب لأنه مناف للتعليق ، ولذلك لم يؤكد جواب الشرط بالنون بل يفيد تحقيق الربط أي إن كون حصول الجواب متوقفا على حصول الشرط أمر محقق لا محالة فإن التعليق ما هو إلا خبر من الأخبار ، إذ حاصله الإخبار بتوقف حصول الجزاء على حصول الشرط فلا جرم كان كغيره من الأخبار قابلا للتوكيد وقلما خلا فعل الشرط مع إما عن نون التوكيد كقول الأعشى :
إما ترينا حفاة نعال لنا |
|
إنا كذلك ما نحفي وننتعل |
وهو غير حسن عند سيبويه والفارسي ، وقال المبرد والزجاج هو ممنوع فجعلا خلو الفعل عنه ضرورة.
وقوله : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ) من شرطية بدليل دخول الفاء في جوابها (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) لأن الفاء وإن دخلت في خبر الموصول كثيرا فذلك على معاملته معاملة الشرط فلتحمل هنا على الشرطية اختصارا للمسافة.
وأظهر لفظ الهدى في قوله : (هُدايَ) وهو عين الهدى في قوله : (مِنِّي هُدىً) فكان المقام للضمير الرابط للشرطية الثانية بالأولى لكنه أظهر اهتماما بالهدى ليزيد رسوخا في أذهان المخاطبين على حد (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) [المزمل : ١٥ ، ١٦] ولتكون هاته الجملة مستقلة بنفسها لا تشتمل على عائد يحتاج إلى ذكر معاد حتى يتأتى تسييرها مسير المثل أو النصيحة فتلحظ فتحفظ وتتذكرها النفوس لتهذب وترتاض كما أظهر في قوله : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) [الإسراء : ٨١] لتسير هذه الجملة الأخيرة مسير المثل ومنه قول بشار :