مطلق الوعد وقد شاع استعمالها أيضا في خصوص التواعد بالملاقاة كما وقع في حديث الهجرة «وواعداه غار ثور». وقول الشاعر :
فواعديه سرحتي مالك |
|
أو الرّبا بينهما أسهلا |
واستعملت هنا لأن المناجاة والتكلم يقتضي القرب فهو بمنزلة اللقاء على سبيل الاستعارة ولذلك استغني عن ذكر الموعود به لظهوره من صيغة المواعدة.
وقيل المفاعلة على بابها بتقدير أن الله وعد موسى أن يعطيه الشريعة وأمره بالحضور للمناجاة فوعد موسى ربه أن يمتثل لذلك ، فكان الوعد حاصلا من الطرفين وذلك كاف في تصحيح المفاعلة بقطع النظر عن اختلاف الموعود به ، وذلك لا ينافي المفاعلة لأن مبنى صيغة المفاعلة حصول فعل متماثل من جانبين لا سيما إذا لم يذكر المتعلق في اللفظ كما هنا لقصد الإيجاز البديع لقصد إعظام المتعلق من الجانبين ، ولك أن تقول سوغ حذفه علم المخاطبين به فإن هذا الكلام مسوق للتذكير لا للإخبار والتذكير يكتفى فيه بأقل إشارة فاستوى الحذف والذكر فرجح الإيجاز وإن كان الغالب اتحاده.
وقرأ أبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب وعدنا بدون ألف عقب الواو على الحقيقة.
وموسى هو رسول الله إلى بني إسرائيل وصاحب شريعة التوراة ، وهو موسى بن عمران ولم يذكر اسم جده ولكن الذي جاء في التوراة أنه هو وأخوه هارون من سبط لاوى بن يعقوب. ولد بمصر في حدود سنة ألف وخمسمائة قبل ميلاد عيسى ولما ولدته أمه خافت عليه أن يأخذه القبط فيقتلوه لأنه في أيام ولادته كان القبط قد ساموا بني إسرائيل سوء العذاب لأسباب غير مشروعة كما تقدم عند قوله تعالى : (يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) [البقرة : ٤٩] فأمر ملك مصر بقتل كل ذكر يولد في إسرائيل.
وأمه تسمى «يوحانذ» وهي أيضا من سبط لاوى وكان زوجها قد توفي حين ولدت موسى فتحيلت لإخفائه عن القبط مدة ثلاثة أشهر ثم ألهمها الله فأرضعته رضعة ووضعته في سفط منسوج من خوص البردي وطلته بالمغفرة والقار لئلا يدخله الماء ووضعت فيه الولد وألقته في النيل بمقربة من مساكن فرعون على شاطئ النيل ووكلت أختا له اسمها مريم بأن ترقب الجهة التي يلقيه النيل فيها وما ذا يصنع به ، وكان ملك مصر في ذلك الوقت تقريبا هو فرعون رعمسيس الثاني ، ولما حمله النهر كانت ابنة فرعون المسماة ثرموت مع جوار لها يمشين على حافة النهر لقصد السباحة والتبرد في مائه قيل كانوا في