وقد بنوا هياكل للكواكب لتكون مهابط لأرواح الكواكب وحرصوا على تطهيرها وتطييبها لكي تألفها الروحانيات وقد يجعلون للكواكب تماثيل من الصور يتوخون فيها محاكاة صور الروحانيات بحسب ظنهم.
ومن دينهم صلوات ثلاث في كل يوم ، وقبلتهم نحو مهب ريح الشمال ويتطهرون قبل الصلاة وقراءاتهم ودعواتهم تسمى الزمزمة بزايين كما ورد في ترجمة أبي إسحاق الصابئ. ولهم صيام ثلاثين يوما في السنة ، موزعة على ثلاثة مواقيت من العام. ويجب غسل الجنابة وغسل المرأة الحائض. وتحرم العزوبة ، ويجوز للرجل تزوج ما شاء من النساء ولا يتزوج إلا امرأة صابئة على دينه فإذا تزوج غير صابئة أو تزوجت الصابئة غير صابئ خرجا من الدين ولا تقبل منهما توبة. ويغسلون موتاهم ويكفنونهم ويدفنونهم في الأرض. ولهم رئيس للدين يسمونه الكمر ـ بكاف وميم وراء ـ.
وقد اشتهر هذا الدين في حران من بلاد الجزيرة ، ولذلك تعرف الصابئة في كتب العقائد الإسلامية بالحرنانية (بنونين نسبة إلى حرّان على غير قياس كما في «القاموس»). قال ابن حزم في كتاب «الفصل» : كان الذي ينتحله الصابئون أقدم الأديان على وجه الدهر والغالب على الدنيا إلى أن أحدثوا فيه الحوادث فبعث الله إبراهيم عليهالسلام بالحنيفية ا ه.
ودين الصابئة كان معروفا للعرب في الجاهلية ، بسبب جوار بلاد الصابئة في العراق والشام لمنازل بعض قبائل العرب مثل ديار بكر وبلاد الأنباط المجاورة لبلاد تغلب وقضاعة. ألا ترى أنه لما بعث محمد صلىاللهعليهوسلم وصفه المشركون بالصابئ ، وربما دعوه بابن أبي كبشة الذي هو أحد أجداد آمنة الزهرية أمّ النبي صلىاللهعليهوسلم ، كان أظهر عبادة الكواكب في قومه فزعموا أن النبي ورث ذلك منه وكذبوا. وفي حديث عمران بن حصين أنهم كانوا في سفر مع النبي صلىاللهعليهوسلم ونفد دماؤهم فابتغوا الماء فلقوا امرأة بين مزادتين على بعير فقالوا لها : انطلقي إلى رسول الله فقالت : الذي يقال له الصابئ قالوا : هو الذين تعنين. وساق حديث تكثير الماء.
وكانوا يسمّون المسلمين الصّباة كما ورد في خبر سعد بن معاذ أنه كان صديقا لأمية بن خلف وكان سعد إذا مر بمكة نزل على أمية فلما هاجر النبي صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة انطلق سعد ذات يوم معتمرا فنزل على أمية بمكة وقال لأمية : انظر لي ساعة خلوة لعلي أطوف بالبيت فخرج به فلقيهما أبو جهل فقال لأمية يا أبا صفوان من هذا معك قال :