تأمّل خفافا إنني أنا ذلكا (١)
وقول طريف العنبري :
فتوسموني إنني أنا ذلكم (٢)
وأوسع منه عندهم نحو قول أبي النجم :
أنا أبو النجم وشعري شعري
ثم إذا أرادوا العناية بتحقيق هذا الاتحاد جاءوا «بها التنبيه» فقالوا : ها أنا ذا يقوله المتكلم لمن قد يشك أنه هو نحو قول الشاعر :
إن الفتى من يقول ها أنا ذا (٣)
فإذا كان السبب الذي صحح الإخبار معلوما اقتصر المتكلم على ذلك وإلا أتبع مثل ذلك التركيب بجملة تدل على الحال التي اقتضت ذلك الإخبار ولهم في ذلك مراتب :
الأولى (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ) ، الثانية : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ) [آل عمران : ١١٩]. ومنه «ها أنا ذا لديكما» قاله أمية بن أبي الصلت. الثالثة (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) [النساء : ١٠٩] ويستفاد معنى التعجب في أكثر مواقعه من القرينة كما تقول لمن وجدته حاضرا وكنت لا تترقب حضوره ها أنت ذا ، أو من الجملة المذكورة بعده إذا كان مفادها عجيبا كما رأيت في الأمثلة.
والأظهر أن يكون الضمير واسم الإشارة مبتدأ وخبرا والجملة بعدهما حالا ، وقيل : هي مستأنفة لبيان منشأ التعجب ، وقيل : الجملة هي الخبر واسم الإشارة منادى معترض ومنعه سيبويه ، وقيل : اسم الإشارة منصوب على الاختصاص وهذا ضعيف.
وعلى الخلاف في موقع الجملة اختلف فيما لو أتى بعدها أنت ذا ونحوه بمفرد فقيل يكون منصوبا على الحال وقيل : مرفوعا على الخبر ولم يسمع من العرب إلا مثال أنشده النحاة وهو قوله :
__________________
(١) قبله «أقول له والرمح يأطر متنه».
(٢) تمامه «شاكي سلاحي في الحوادث معلم».
(٣) تمامه «ليس الفتى من يقول كان أبي».