أن تفعل مثل رجس أولئك الأمم لا يوجد فيك من يجيز (١) ابنه أو ابنته في النار ولا من يعرف عرافة ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر ولا من يرقى رقية ولا من يسأل جانا أو تابعة ولا من يستثير الموتى». وجعلت التوراة جزاء السحرة القتل ففي سفر اللاويين الإصحاحين ٢٠ ـ ٢٧ «وإذا كان في رجل أو امرأة جان أو تابعة فإنه يقتل». وذكروا عن مالك أنه قال : الأسماء التي يكتبها السحرة في التمائم أسماء أصنام.
وقد حذر الإسلام من عمل السحر وذمه في مواضع وليس ذلك بمقتضى إثبات حقيقة وجودية للسحر على الإطلاق ولكنه تحذير من فساد العقائد وخلع قيود الديانة ومن سخيف الأخلاق.
وقد اختلف علماء الإسلام في إثبات حقيقة السحر وإنكارها وهو اختلاف في الأحوال فيما أراه فكل فريق نظر إلى صنف من أصناف ما يدعى بالسحر. وحكى عياض في «إكمال المعلم» أن جمهور أهل السنة ذهبوا إلى إثبات حقيقته. قلت وليس في كلامهم وصف كيفية السحر الذي أثبتوا حقيقته فإنما أثبتوه على الجملة. وذهب عامة المعتزلة إلى أن السحر لا حقيقة له وإنما هو تمويه وتخييل وأنه ضرب من الخفة والشعوذة ووافقهم على ذلك بعض أهل السنة كما اقتضته حكاية عياض في «الإكمال» ، قلت وممن سمّي منهم أبو إسحاق الاسترابادي من الشافعية. والمسألة بحذافرها من مسائل الفروع الفقهية تدخل في عقاب المرتدين والقاتلين والمتحيلين على الأموال ، ولا تدخل في أصول الدين. وهو وإن أنكره الملاحدة لا يقتضى أن يكون إنكاره إلحادا. وهذه الآية غير صريحة. وأما الحديث فقد علمته آنفا.
وشدد الفقهاء العقوبة في تعاطيه. قال مالك : يقتل الساحر ولا يستتاب إن كان مسلما وإن كان ذميا لا يقتل بل يؤدب إلا إذا أدخل بسحره أضرارا على مسلم فإنه يقتل لأنه يكون ناقضا للعهد لأن من جملة العهد أن لا يتعرضوا للمسلمين بالأذى قال الباجي في «المنتقي (٢)» رأى مالك أن السحر كفر وشرك ودليل عليه وأنه لما كان يستتر صاحبه بفعله فهو كالزندقة لأجل إظهار الإسلام وإبطان الكفر ولذلك قال ابن عبد الحكم وابن المواز وأصبغ هو كالزنديق إن أسر السحر لا يستتاب وإن أظهره استتيب وهو تفسير لقول
__________________
(١) «المنتقى» للباجي ٧ / ١١٧. جامع العقل. قتل الغيلة (مصححه).
(٢) كذا ولعل المراد من يرج أو يجوز به.