مالك لا خلاف له قال الباجي فلا يقتل حتى يثبت أن ما يفعله من السحر هو الذي وصفه الله بأنه كفر قال أصبغ يكشف ذلك من يعرف حقيقته ويثبت ذلك عند الإمام.
وفي «الكافي» لابن عبد البر إذا عمل السحر لأجل القتل وقتل به قتل وإن لم يكن كفرا ، وقد أدخل مالك في «الموطأ» السحر في باب الغيلة ، فقال ابن العربي في «القبس» وجه ذلك أن المسحور لا يعلم بعمل السحر حتى يقع فيه ، قلت لا شك أن السحر الذي جعل جزاؤه القتل هو ما كان كفرا صريحا مع الاستتار به أو حصل به إهلاك النفوس وذلك أن الساحر كان يعد من يأتيه للسحر بأن فلانا يموت الليلة أو غدا أو يصيبه جنون ثم يتحيل في إيصال سموم خفية من العقاقير إلى المسحور تلقى له في الطعام بواسطة أناس من أهل المسحور فيصبح المسحور ميتا أو مختل العقل فهذا هو مراد مالك بأن جزاءه القتل أي إن قتل ولذلك قال : لا تقبل توبته وبدون هذا التأويل لا يصح فقه هذه المسألة ، فقول مالك في السحر ليس استنادا لدليل معين في خصوص السحر ولكنه من باب تحقيق المناط بتطبيق قواعد التعزير والإضرار ، ولبعض فقهاء المذهب في حكاية هذه المسألة إطلاقات عجيب صدورها من أمثالهم ، على أن السحر أكثر ما يتطلب لأجل تسخير المحبين محبوبيهم فهو وسيلة في الغالب للزنا أو للانتقام من المحبوب أو الزوج. سئل مالك عمن يعقد الرجال عن النساء وعن الجارية تطعم رجلا شيئا فيذهب عقله فقال : لا يقتلان فأما الذي يعقد فيؤدب وأما الجارية فقد أتت أمرا عظيما قيل أفتقتل فقال : لا قال ابن رشد في «البيان» رأى أن فعلها ليس من السحر ا ه.
وقال أبو حنيفة : يقتل الرجل الساحر ولا يستتاب وأما المرأة فتحبس حتى تتركه فجعل حكمه حكم المرتد ووجّه أبو يوسف بأنه جمع مع كفره السعي في الأرض بالفساد. وعن الشيخ أبي منصور أن القول بأن السحر كفر على الإطلاق خطأ بل يجب البحث عن حقيقته فإن كان في ذلك رد ما لزم من شرط الإيمان فهو كفر وإلا فلا ، وما ليس بكفر وفيه إهلاك النفس ففيه حكم قطاع الطريق ويستوي فيه الذكور والإناث وتقبل توبته إذا تاب ومن قال : لا تقبل فقد خلط فإن سحرة فرعون قبلت توبتهم ا ه. وهذا استدلال بشرع من قبلنا.
وقال الشافعي يسأل الساحر عن سحره فإن ظهر منه ما هو كفر فهو كالمرتد يستتاب فإن أصر قتل وإن ظهر منه تجويز تغيير الأشكال لأسباب قراءة تلك الأساطير أو تدخين الأدوية وعلم أنه يفعل محرما فحكمه حكم الجناية فإن اعترف بسحر إنسان وأنّ سحره