(ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا). والمراد بهم : المشركون.
وهذه السورة جعلت الستين في عداد ترتيب نزول السور نزلت بعد سورة الزمر وقبل سورة فصّلت وهي أول سور (آل حم) نزولا. وقد كانت هذه السورة مقروءة عقب وفاة أبي طالب ، أي سنة ثلاث قبل الهجرة لما سيأتي أن أبا بكر قرأ آية (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) [غافر : ٢٨] حين آذى نفر من قريش رسول الله صلىاللهعليهوسلم حول الكعبة ، وإنما اشتد أذى قريش رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد وفاة أبي طالب.
والسور المفتتحة بكلمة (حم) سبع سور مرتبة في المصحف على ترتيبها في النزول ويدعى مجموعها «آل حم» جعلوا لها اسم (آل) لتآخيها في فواتحها. فكأنها أسرة واحدة وكلمة (آل) تضاف إلى ذي شرف (ويقال لغير المقصود تشريفه أهل فلان) قال الكميت:
قرأنا لكم في آل حاميم آية |
|
تأوّلها منا فقيه ومعرب |
يريد قول الله تعالى في سورة «حم عسق» (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الشورى : ٢٣] على تأويل غير ابن عباس فلذلك عززه بقوله : تأوّلها منا فقيه ومعرب.
وربما جمعت السور المفتتحة بكلمة (حم) فقيل الحواميم جمع تكسير على زنة فعاليل لأن مفرده على وزن فاعيل وزنا عرض له من تركيب اسمي الحرفين : حا ، ميم ، فصار كالأوزان العجمية مثل (قابيل) ، و (راحيل) وما هو بعجمي لأنه وزن عارض لا يعتدّ به. وجمع التكسير على فعاليل يطرد في مثله. وقد ثبت أنهم جمعوا (حم) على حواميم في أخبار كثيرة عن ابن مسعود ، وابن عباس ، وسمرة بن جندب ، ونسب في بعض الأخبار إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ولم يثبت بسند صحيح. ومثله السور المفتتحة بكلمة (طس) أو (طسم) جمعوها على طواسين بالنون تغليبا. وأنشد أبو عبيدة أبياتا لم يسم قائلها :
حلفت بالسبع الألى قد طوّلت |
|
وبمئين بعدها قد أمّئت |
وبثمان ثنيت وكررت |
|
وبالطواسين اللواتي ثلثت |
وبالحواميم اللواتي سبعت |
|
وبالمفصل التي قد فصّلت |
وعن أبي عبيدة والفراء أن قول العامة الحواميم ليس من كلام العرب وتبعهما أبو منصور الجواليقي.
وقد عدت آيها أربعا وثمانين في عد أهل المدينة وأهل مكة ، وخمسا وثمانين في