الاهتداء بهديه. وتأكيد الخبر بلام القسم وحرف التحقيق منظور فيه إلى حال الفريق الذين لم يتدبروا القرآن وطعنوا فيه وأنكروا أنه من عند الله.
والتعريف في الناس للاستغراق ، أي لجميع الناس ، فإن الله بعث محمداصلىاللهعليهوسلم للناس كافة.
وضرب المثل : ذكره ووصفه ، وقد تقدم في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً) في سورة البقرة [٢٦]. وتنوين (مَثَلٍ) للتعظيم والشرف ، أي من كل أشرف الأمثال ، فالمعنى : ذكرنا للناس في القرآن أمثالا هي بعض من كل أنفع الأمثال وأشرفها. والمراد : شرف نفعها.
وخصّت أمثال القرآن بالذكر من بين مزايا القرآن لأجل لفت بصائرهم للتدبر في ناحية عظيمة من نواحي إعجازه وهي بلاغة أمثاله ، فإن بلغاءهم كانوا يتنافسون في جودة الأمثال وإصابتها المحزّ من تشبيه الحالة بالحالة. وتقدم هذا عند قوله تعالى : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) في سورة الإسراء [٨٩] ، وتقدم في قوله : (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) في سورة الروم [٥٨].
ومعنى الرجاء في (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) منصرف إلى أن حالهم عند ضرب الأمثال القرآنية كحال من يرجو الناس منه أن يتذكر ، وهذا مثل نظائر هذا الترجي الواقع في القرآن ، وتقدم في سورة البقرة.
ومعنى التذكر : التأمل والتدبر لينكشف لهم ما هم غافلون عنه سواء ما سبق لهم به علم فنسوه وشغلوا عنه بسفساف الأمور ، وما لم يسبق لهم علم به مما شأنه أن يستبصره الرأي الأصيل حتى إذا انكشف له كان كالشيء الذي سبق له علمه وذهل عنه ، فمعنى التذكر معنى بديع شامل لهذه الخصائص.
وهذا وصف القرآن في حدّ ذاته إن صادف عقلا صافيا ونفسا مجردة عن المكابرة فتذكر به المؤمنون به من قبل ، وتذكّر به من كان التذكّر به سببا في إيمانه بعد كفره بسرعة أو ببطء ، وأما الذين لم يتذكروا به فإن عدم تذكرهم لنقص في فطرتهم وتغشية العناد لألبابهم. وكذلك معنى قوله : (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).
وانتصب (قُرْآناً) على الحال من اسم الإشارة المبيّن بالقرآن ، فالحال هنا موطئة لأنها توطئة للنعت في قوله تعالى : (قُرْآناً عَرَبِيًّا) وإن كان بظاهر لفظ (قُرْآناً) حالا