حدثنا محمد بن القاسم أبو العيناء (١) ، حدثنا محمد بن مسعر قال : كنا عند سفيان بن عيينة في الموسم وقد حج الرشيد ، فخلى في داره يحدث خدم الرشيد ولم يدخل إليه غيرهم ، فجاء ابن مناذر الشاعر فوقف على الباب وصاح :
بعمرو وبالزهري والسلف الأولى |
|
بهم تثبت رجلاك عند المقاوم |
حييت طوال الدهر يوما لحاتم |
|
ويوما لحفان ويوما لغانم |
وللحسن المحتاج يوما وربما |
|
خصصت حينا دون تلك المواسم |
نظرت فطال الفكر منك فلم تكن |
|
تدير رحى إلا لأخذ الدراهم |
ثم مضى ، فخرج سفيان وهو متكئ على عصا ، فقال : ابن الخبيث بن الخبيث ابن عدو الله ، فمن رأى صاحب عيال فقد أفلح ، حدثتني الصيادون أن أكثر ما يقع في شباكهم الطيور الزافة.
أنبأنا أبو محمد بن الأخضر عن أبي القاسم بن السمرقندي ، أنبأنا القاضي أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفي إذنا قال : سمعت أبا القاسم علي بن الحسن بن خلف ابن سليمان الشافعي يقول : سمعت عبيد الله بن أحمد الزاهد ، وأخبرتنا خديجة بنت أبي منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الجواليقي بقراءتي عليها قالت : أنبأنا أبي ، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري ، أنبأنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد ابن أحمد الفرضي الزاهد قال : سمعت محمد بن يحيى النديم يقول : كنت أقرأ على أبي خليفة في منزله لهاشمي البصرة خصوصا كتاب «طبقات الشعراء» وغير ذلك ، فواعدنا يوما وقال : لا تخلفوني فإني أتخذ لكم خبيصة كافية ، فتأخرت لشغل عرض لي ثم جئت والهاشميون عندي (٢) فلم يعرفني الغلام وحجبني ، فكتبت إليه :
أبا خليفة تجفو من له أدب |
|
وتؤثر الغر من أولاد عباس |
وأنت رأس الورى في كل مكرمة |
|
وفي العلوم وما الأذناب كالرأس |
ما كان قدر خبيص لو أذنت لنا |
|
فيه ليختلط الأشراف بالناس |
فلما قرأ الرقعة صاح على الغلام ودخلت عليه ، فلما رآني قال : أسأت إلينا بتغيبك وظلمتنا في نعتك ، وإنما عقد المجلس بك ونحن فيما فاتك بنا حزن ولا ذنب لنا فيه
__________________
(١) في (ج) : «الغنائم».
(٢) هكذا في الأصول.