فإنّها أفضل الساعات ، ينظر الله عزّ وجلّ فيها بالرحمة إلى عباده ، يجيبهم إذا ناجوه ، ويلبّيهم إذا نادوه ، ويعطيهم إذا سألوه ، ويستجيب لهم إذا دعوه .
أيّها الناس ، إنّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكّوها باستغفاركم ، وظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخفّفوا عنها بطول سجودكم ، واعلموا أنّ الله أقسم بعزّته أن لا يعذّب المصلّين والساجدين ، وأن لا يروّعهم بالنار يوم يقوم الناس لربّ العالمين .
أيّها الناس من فطّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق نسمة ، ومغفرة لما مضى من ذنوبه قيل : يا رسول الله فليس كلّنا يقدر على ذلك ، فقال ( صلى الله عليه و آله ) : اتقوا النار ولو بشقّ تمرة ، اتقوا النار ولو بشربةٍ من ماء .
أيّها الناس من حسّن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جوازاً على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام ، ومن خفّف في هذا الشهر عمّا ملكت يمينه خفّف الله عليه حسابه ، ومن كفّ فيه شرّه كفّ الله عنه غضبه يوم يلقاه ، ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه ، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه ، ومن قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه ، ومن تطوّع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار ، ومن أدّى فيه فرضاً كان له ثواب من أدّى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور ، ومن أكثر فيه من الصلاة عليّ ثقّل الله ميزانه يوم تخفّ الموازين ، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور .
أيّها الناس ، إنّ أبواب الجنان في هذا الشهر مفتّحة ، فاسألوا ربّكم أن لا يغلقها عنكم ، وأبواب النيران مغلقة فاسألوا ربّكم أن لا يفتحها عليكم ، والشياطين مغلولة فاسألوا ربّكم أن لا يسلّطها عليكم ، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : فقمت فقلت : يا رسول الله ، ما أفضل الأعمال في هذا الشهر ؟ فقال : يا أبا الحسن ، أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله .