الآيات يجوز ان يحمل على سعة الوجوه في اللّفظ باعتبار اللغات أو باعتبار القراءات ويجوز ان يحمل على سعة الوجوه باعتبار المعاني المتعدّدة طولا أو عرضا وعن الصّادق (ع) انّه قيل له انّ الأحاديث تختلف منكم فقال انّ القرآن نزل على سبعة أحرف وادنى ما للإمام ان يفتي على سبعة وجوه ثمّ قال هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ، وفي هذا الخبر اشعار بانّ المراد بالأحرف الوجوه المعتبرة في المعنى بحسب العرض وانّها أكثر من سبعة وأدناها السّبعة وان كان يجوز ان يراد به الوجوه اللّفظية أو المعنوية الطّولية ، ويجوز ان يراد به الوجوه التّكليفية من الوجوب والاستحباب والاباحة والكراهة والحرمة والصّحة والبطلان من الوجوه المعنويّة العرضية ولفظ الذلول في الخبر الاوّل يدلّ على كثرة الوجوه المحتملة العرضية فانّ الذلول معناه انّه ينقاد وينطبق على اىّ معنى أريد منه كالجمل الذلول الّذى ينقاد ويناخ كلّما أنخته ، وقد ورد عنهم (ع) في تفسير الآيات اخبار مختلفة بوجوه متخالفة عرضيّة لا يمكن حملها على التّقيّة بل لا بدّ وان يحمل على صحّة التّفسير بمعان مختلفة مندرجة في اللّفظ بأحد الوجوه المذكورة سابقا والمراد بالأحسن في قوله فاحملوه على أحسن الوجوه الاحسنيّة الاضافيّة فان المخاطبين في هذا الخطاب كلّ قرّاء القرآن والمتدبّرين فيه والأحسن الحقيقىّ بحسب البطون غير ميسّر إدراكه لغير الائمة (ع) والأحسن الحقيقىّ بحسب الوجوه المختلفة من المعاني العرضيّة غير معلوم لكلّ أحد ولو كان معلوما لما صحّ الأمر بالحمل عليه في كلّ مقام بل يأتى النّهى عن الحمل عليه في مقام يقتضي غيره مثل مقام التّقيّة وغيرها وكذا الحال في الوجوه المختلفة بحسب اللفظ فانّه قد يقتضي المقام النّهى عن الأحسن لو كان معلوما إذا كان تقيّة أو يقتضي حال السّامع غيره مثال النّهى عن الحمل على أحسن الوجوه بحسب المعنى اية الوضوء بنصب أرجلكم فانّه يجوز جعله عطفا على وجوهكم حتّى يدلّ على غسل الأرجل وعطفا على محلّ رؤسكم حتّى يدلّ على مسحها والثّانى أحسن لعدم لزوم الفصل بالأجنبيّ بين المعطوف والمعطوف عليه ولموافقته لقراءة جرّ الأرجل لكنّ الحمل عليه والعمل به في مقام التّقية يكون حراما ومثال النّهى عن الحمل على أحسن الوجوه بحسب اللّفظ هذه الاية فانّه قد قرء الا رجل بالجرّ والنصب ، والجرّ قد عرفت انّه أحسن القراءتين لعدم لزوم الفصل بالأجنبيّ حينئذ بين المعطوف والمعطوف عليه لكن قد يقتضي المقام التجنّب عن القراءة به والقراءة بما قرءوا وعلى الاحسنيّة الاضافيّة بحمل ما ورد عنهم مختلفا في تفسير الآيات وهكذا الحال في القراءات المختلفة الواردة عنهم.
الفصل الثاني عشر
في جواز نزول القرآن بوجوه مختلفة في ألفاظه
اعلم انّ القرآن نزل به جبرئيل (ع) من طريق الباطن على بشريّة نبيّنا (ص) لكن من جهة مداركه الاخرويّة لا من جهة مداركه الدّنيويّة والمدارك الدّنيويّة لضيقها لا سعة لها بان تدرك الّا وجها واحدا وهيئة واحدة من اللّفظ المسموع واللّسان الدّنيوىّ لا يجرى عليه الّا وجه واحد من اللّفظ وامّا اللّسان والسّمع الاخرويّان فيجوز ان يجرى ويسمع في اجراء واحد وسماع واحد وجوها عديدة من اللّفظ لسعتهما وعدم ضيقهما عن تزاحم الكثرات ولجواز النّزول بالوجوه المختلفة أو للتوسعة بعد النزول ورد عنهم (ع) قراءات مختلفة مخالفة لقراءات العامّة وورد عنهم تصويب القراءتين المختلفتين ولو لا ذلك لكان بعض قراءتهم مخالفة لما نزل على محمّد (ص) من غير تقيّة ، نسب الى النّبىّ (ص) انّه قال أتاني آت من الله عزوجل فقال انّ الله يأمرك ان تقرأ القران على حرف واحد فقلت يا ربّ وسّع على أمّتي فقال انّ الله عزوجل يأمرك ان تقرأ القرآن