فِيهِنَّ الْحَجَ) نسب الى الصّادق (ع) انّه قال : الفرض التّبلية والاشعار والتّقليد ، واستعمال الفرض مع انّ الحكم جار في النّدب والفرض للاشعار بأنّ النّدب بعد الإحرام يصير كالفرض في وجوب الإتمام والقضاء لو اخلّ بالوطى قبل المشعر وقيل : من أحرم لزمه الإتمام مطلقا واجبا كان أو ندبا شرط لنفسه العدول أو لا (فَلا رَفَثَ) لإجماع ولا نظر بشهوة ولا قبلة ولا مواعدة (وَلا فُسُوقَ) الكذب والسّباب أو مطلق ما يخرج الإنسان من الحقّ (وَلا جِدالَ) لا مخاصمة بحقّ أو باطل وفسّرت بالجماع وبالكذب والسّباب وبقول : لا والله ، وبلى والله ، (فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) ترغيب في العمل لله والمقصود أنّه يجازيكم لأنّه عالم وعادل لا يهملكم من غير مجازاة (وَتَزَوَّدُوا) كانوا لا يتزوّدون في طريق الحجّ ويلقون كلّهم في الطّريق على الغير فنهاهم الله تعالى عن ترك التّزوّد بالطّعام وقيمته والتّزوّد بالتوكّل وإلقاء الكلّ على الغير (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) عن السّؤال وإلقاء الكلّ على الغير لا التّوكّل على الله والتذلّل على النّاس أو المراد تزوّدوا في مناسك الحجّ لمعادكم بالتّقوى عمّا نهيتم عنه ظاهرا ممّا يترك في الحجّ وباطنا من النيّات والأغراض سوى امر الله (وَاتَّقُونِ) اى سخطى وعذابي في مخالفة أمرى ونهيي (يا أُولِي الْأَلْبابِ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) كانوا يتأثّمون بالتّجارة في طريق الزّيارة كما كانوا لا يتزوّدون لذلك وكما انّ المتزهّدين في زماننا يتحرّجون بالتّجارات في طريق الزّيارات وهكذا حال السّلاك في طريق بيت الله الحقيقىّ يتحرّجون بالالتفات الى ما وراءهم وبالتّجارات الرّائجة في حقّ حرثهم ونسلهم وقد كفلهم الله القيام بأمر النّسل وحفظ الحرث فنفى تعالى الجناح عنهم في التّجارة بل أمرهم بها فانّ نفى التّأثّم في أمثال المقام عن شيء يستعمل في الأمر به فقال : ليس عليكم جناح (أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) بالتّجارات الظاهرة والباطنة (فَإِذا أَفَضْتُمْ) أفاض الماء أفرغه والنّاس (مِنْ عَرَفاتٍ) دفعوا أنفسهم أو رجعوا وتفرّقوا أو أسرعوا أو اندفعوا من عرفات اسم لا بعد مناسك الحجّ من مكّة سمّيت بعرفات لارتفاعها وارتفاع جبالها ، أو لانّ إبراهيم (ع) عرفها بما وصفها به جبرئيل ، أو لانّ جبرئيل قال لآدم (ع) في هذا الموضع : اعترف بذنبك واعرف مناسكك ، أو لانّ آدم (ع) وحوّاء التقيا فيها وعرف كلّ صاحبه ، أو لانّ يوم الوقوف بها يوم عرفة وسمّى يوم عرفة بعرفة لانّ إبراهيم (ع) عرف في هذا اليوم انّ رؤياء ذبح الولد كانت رحمانيّة لا شيطانيّة والإتيان بالفاء الدّالّة على التّعقيب وبإذا الدّالّة على الوقوع بعد الأمر بابتغاء الفضل يومى الى انّ الافاضة من عرفات الدّالّة على الوقوع فيها متحقّقة مسلّمة مفروغ عنها ولا حاجة الى ان يحكم بها وهذا يناسب التّأويل فانّ السّالك الى الله والحاجّ للبيت الحقيقىّ الّذى هو القلب يتحرّج بحمل الزّاد وبابتغاء الفضل ، وإذا ابتغى الفضل بسبب أمره تعالى يتنزّل الى ابعد مراتب النّفس من القلب كما مرّ سابقا وإذا وقع الى انزل مراتبها لا يمكنه القرار فيها بل يفيض منها كأنّه يدفعه دافع الى طريقه لكنّه لا يصل الى البيت من دون وقوف في الطّريق فيقف في المزدلفة ثمّ في منى ثمّ يفيض منه الى مكّة القلب فكان الوقوع في عرفات والوقوف لازم لابتغاء الفضل والافاضة منها لازمة للوقوع فيها ، وهكذا الوقوف بالمزدلفة والمنى (فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) بالوقوف فيه ليلة النّحر وبأداء الصّلوة الفريضة والادعية والاذكار المأثورة وغير المأثورة ، وفي تفسير الامام (ع) أنّه قال : بآلائه ونعمائه والصّلوة على سيّد أنبيائه