هؤلاء ائمّتى وشفعائي ليوم فقري وفاقتي ، بهم اتوسّل إلى الله وبهم أرجو نجاتي يوم ميعادي ، وانّ شريعة محمّد (ص) ناسخة لجميع الشرائع ، وانّ جميع ما جاء به محمّد (ص) من السّنن والفرائض والسّياسات والعقائد والأخلاق حقّ وصدق ، آمنت بها كلّها مفصّلها ومجملها ، وانّ الموت وسؤال القبر والصّراط والميزان وبعث الخلائق وتطائر الكتب والحساب والجنّة والنّار والمعاد جسمانيّة وروحانية كلّها حقّ وصدق آمنت بها وايقنتها ، وانّ هذه ديني الّذى أدين به ؛ عليها أحيى وعليها أموت وعليها ابعث إنشاء الله ، وانّ القرآن الّذى بين أظهرنا هو الكتاب المنزل على محمّد (ص) حرّف فيه أو لم يحرّف ، وهو دليل رسالته وإجمال شريعته وهو الحبل الممدود من الله لانّه صورة الولاية التّكوينيّة الّتى هي الحبل من الله حقيقة كما انّ العترة وولايتهم هي الحبل من النّاس ، وانّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض ، وانّ القرآن دليل العترة كما قالوا فيه حجّتنا أهل البيت ، كما انّ العترة مبيّنو ـ القرآن فالقرآن امام صامت والعترة قرآن ناطق ، وكما انّ محبّة العالم من العترة وتعظيمه والنّظر اليه والجلوس عنده واستماع قوله وسماعه والتدبّر في أفعاله وأحواله وأخلاقه والتفكر في شؤنه والتّسليم له ولمتشابهات ما منه وتخلية بيت القلب لنزوله بملكوته فيه بملاحظة انّه حبل الله الممدود الى النّاس أو من غير عناد معه من أعظم ـ العبادات كذلك تعظيم القرآن والنّظر في سطوره واستماع كلماته وسماعها والتدبّر في عباراته والتفكّر في إشاراته ولطائفه وتخلية بيت القلب لتجلّى حقائقه واتّباع احكامه وتسليم متشابهاته من أعظم العبادات إذا كان بلحاظ كونه حبلا ممدودا من الله.
وقد ورد في الآيات والاخبار الأمر بالاستماع والإنصات له عند قراءته والتدبّر في آياته واستنباط إشاراته ولطائفه والتّفكر فيها كما ورد ذمّ من أعرض عنه واتّخذه مهجورا ونبذه وراء ظهره ، وذمّ من لا كه بين لحييه ولم يتدبّر ما فيه وذمّ من حفظه وقرأه ولم يعمل بما فيه كمثل الحمار يحمل أسفارا فأولى الأشياء بالخدمة بعد علماء العترة واحقّ الأمور بالنّظر والفكرة هو القرآن.
وقد كنت نشيطا منذ أوان اكتسابى للعلوم وعنفوان شبابي بمطالعة كتب التّفاسير والاخبار ومدارستها ووفّقني الله تعالى لذلك وقد كان يظهر لي بعض الأحيان من إشارات الكتاب وتلويحات الاخبار لطائف ما كنت أجدها في كتاب ولا أسمعها من خطاب فأردت ان اثبتها في وريقات واجعلها نحو تفسير للكتاب لتكون تذكرة لي ولإخوانى المؤمنين وتنبيها لنفسي ولجملة الغافلين ، راجيا من الله ان يجعلها لي ذخيرة ليوم الدّين ولسان صدق في الآخرين وهو جدير بان يسمّى ببيان السّعادة في مقامات العبادة والمسؤل من النّاظر ان ينظر اليه بنظر الإنصاف لا بعين العناد والاعتساف والحمد لله اوّلا وآخرا والصّلوة على محمّد وآله.
ولنذكر قبل الشّروع في المقصود حقيقة العلم والفرق بينه وبين الجهل المشابه للعلم وشرافة العلم وخساسة هذا الجهل وانّ العلم كلّما ازداد ضعفت الانانيّة ، والجهل كلّما ازداد زاد في الانانيّة ، وانّ العلم لا ينفكّ عن الحيرة والخشية واقتضاء الوحدة والعزلة ، وانّه يلازم العمل ولا ينفكّ منه ، وانّ الإدراك المنفكّ عن العمل هو الجهل المشابه للعلم واستحباب قراءة القرآن والاستماع له وكيفيّة قراءته ومراتب قرّائه وجواز تفسيره وبيان الظّهر والبطن والتنّزيل والتّأويل والمحكم والمتشابه والنّاسخ والمنسوخ والعامّ والخاصّ من القرآن وانّ التّفسير بالرأى الّذى ورد ذمّه هو التّفسير بالإدراكات الجهليّة وانّ التّفسير بالعلم من الحكمة الّتى من أوتيها فقد اوتى خيرا كثيرا ، وانّه مأمور به مندوب اليه ، وانّ تفسير القرآن بتمام مقاماته مختصّ بأهله الّذين نزل عليهم ، وانّ القرآن ذو وجوه وهو مراد بكلّ وجوهه كما انّه ذو بطون ومراد بكلّ بطونه ، وانّه يجوز ان يكون نزوله بالقراءات المختلفة كما يجوز ان يكون اختلافات القراءات من القراء ، وانّ القرآن الّذى