وقد بقي له بقايا على ثقيف فأراد خالد بن الوليد المطالبة بعد ان أسلم فنزلت (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) ترك ما بقي من الرّبوا (فَأْذَنُوا) اى اعلموا (بِحَرْبٍ) عظيمة (مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) وهذا غاية التهديد قلّما يهدّد بمثله (وَإِنْ تُبْتُمْ) بعد ما علمتم بالحرب من مطالبة ما بقي من الرّبوا واعتقاد حلّه (فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) ليس للمدينين ان يحاسبوا رؤس الأموال فيما أخذتموه من الرّبوا قبل البيّنة (لا تَظْلِمُونَ) بأخذ الزّيادة على رأس المال (وَلا تُظْلَمُونَ) بنقصان رأس المال (وَإِنْ كانَ) اى وجد (ذُو عُسْرَةٍ) في غرمائكم (فَنَظِرَةٌ) فله امهال (إِلى مَيْسَرَةٍ) قرئ بكسر السّين وضمّها وبتاء التّأنيث وقرئ بضمّ السّين واضافتها الى الهاء (وَأَنْتَصَدَّقُوا) على الغريم مليّا كان أو ذا عسرة أو على ذي العسرة بإبرائه من الدّين (خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) شرط تهييجىّ أو تقييد لخيريّة التصدّق فانّ الجاهل مطالبته وتصدّقه كلاهما وبال عليه ، أو المعنى ان كنتم تعلمون انّ التصدّق خير لكم تصدّقتم ، والاخبار في فضل انظار المعسر وفضل التّصدّق عليه كثيرة (وَاتَّقُوا) عطف على نظرة فانّها بمعنى أنظروه ، والمقصود التّقوى عن المداقّة في المحاسبة والتعنيف في المطالبة خوفا من مداقّة الله في المحاسبة يوم يكون النّاس اشدّ اعسارا من كلّ معسر كأنّه قال : تساهلوا في المحاسبة مع المعسر واتّقوا بذلك مداقّة الله معكم (يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) بنقص الجزاء أو تضعيف العقاب ، نقل انّها آخر آية نزل بها جبرئيل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بالايمان العامّ والبيعة النّبويّة وقبول الدّعوة الظّاهرة فانّ الأحكام الشرعيّة القالبيّة كلّها متوجّهة الى المسلمين بالبيعة العامّة (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ) تداين القوم دان بعض واستدان آخر ، أو دان كلّ من الآخر ، أو تعاملوا بنسيئة يعنى إذا دان بعض منكم واستدان آخر ، أو إذا وقع منكم معاملة بنسيئة وعلى هذا فالأمر بالكتابة عامّ للداين والمدين ولغيرهم ، امّا للدّاين والمدين فلرفع التّخالف والاشتباه ، وامّا لغيرهم فللإعانة على البرّ والتّقوى ، وذكر الدّين امّا للامتياز عن التّداين بمعنى المجازاة ، أو لكون التّداين بمعنى مطلق المعاملة ، أو لابتناء الكلام على التّجريد والدّين خاصّ بالقرض المؤجّل أو هو بمعنى مطلق القرض فقوله تعالى (إِلى أَجَلٍ) امّا للتّأكيد ، أو مبتن على التّجريد ، أو على اعتبار كون الدّين بمعنى مطلق القرض (مُسَمًّى) معيّن (فَاكْتُبُوهُ) ليكون ابعد من الاشتباه والاختلاف واضبط لقدر الدّين ومدّته (وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ) الباء للآلة والعدل صفة للقلم المقدّر اى بالقلم العدل فانّه ينسب الاعوجاج والاستقامة الى القلم والظّرف متعلّق بكاتب أو بليكتب ، أو الباء للآلة ، والعدل بمعنى استواء الميل الى الطّرفين أو بمعنى حفظ الحقوق ، أو الباء للملابسة ، والظّرف مستقرّ صفة لكاتب (وَلا يَأْبَ كاتِبٌ) أحد من الكتابين (أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ) اى كتابة مثل كتابة علّمها الله وهي الكتابة بالعدل أو كتابة تماثل تعليم الله الكتابة له ، أو مطلق تعليم الله له يعنى يكون تعليم الله نصب العين في الكتابة حتّى يكون الكتابة شكرا لتعليمه وهذا المعنى يفيد التعليل فيكون المعنى : ولا يأب كاتب ان يكتب لأجل تعليم الله (فَلْيَكْتُبْ) وللاهتمام بالكتابة أكّدها بالأمر بها اربع مرّات (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ) لانّه المقرّ المشهود عليه (وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ) في تلقين ما يضرّ بصاحب الحقّ (وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ) لا ينقص من الحقّ أو ممّا املى (شَيْئاً فَإِنْ كانَ الَّذِي