أو معطوفة في مقام التّعليل والتّأكيد ومعنى عزّته تعالى انّه لا يمنعه مانع من مراده (ذُو انْتِقامٍ) من شأنه الانتقام ممّن خالفه وعصاه (إِنَّ اللهَ لا يَخْفى) استيناف في مقام التّعليل أو جواب للسّؤال عن علمه تعالى بهم وبكفرهم كأنّه قيل : هل يعلم كفرهم؟ ـ فقال انّه لا يخفى (عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) اى في جملة ما سوى الله لانّ الأرض تعمّ العوالم الثّلاثة : عالم الأقدار النّورانيّة والأقدار الظّلمانيّة والأجساد الطّبيعيّة ، والسّماء تعمّ الأرواح المدبّرة والأرواح المجرّدة (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ) حال أو مستأنف جواب لسؤال تقديره ؛ هل يعلم بواطن الأشياء فيهما؟ ـ أو جواب لسؤال عن علّة إثبات الحكم يعنى انّه يعلم ظواهر ما في العالم لانّه هو الّذى يصوّركم (فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) فهو يعلم بواطن الأشياء وما لم يوجد بعد فكيف لا يعلم ظواهرها الّتى وجدت في العالم ، ولا اختصاص للأرحام بأرحام الامّهات الجسمانيّة فانّ النّفوس الحيوانيّة والبشريّه أرحام للّطيفة السيّارة الانسانيّة الّتى يكون خطاب الله متوجّها إليها بل الموادّ البعيدة من الحبوب واللّحوم والبقول والفواكه الّتى تصير اغذية الاناسىّ والكيلوس والكيموس والدّماء الجارية في العروق والأعضاء والدّماء المتشبّهة بالأعضاء أرحام للنّطف الّتى هي في المراتب الجنينيّة أرحام للنّفوس الحيوانيّة والبشريّة واللّطيفة الانسانيّة والمراتب العالية للنّفس الانسانيّة كلّ بوجه رحم للأعلى منها ولذلك فسّر البطن فيما ورد من ، انّ السّعيد سعيد في بطن أمّه ؛ بالولاية ، فانّ الإنسان ما لم يدخل تحت الولاية التّكليفيّة بالبيعة الخاصّة الولويّة وقبول الدّعوة الباطنة حاله حال النّطفة في صلب الرّجل وبعد الدّخول في الولاية بالبيعة الخاصّة حاله حال النّطفة المستقرّة في الرّحم ولا يظهر السّعادة والشّقاوة الّا بعد الدّخول في الولاية ، ولذلك كان علىّ (ع) قسيم الجنّة والنّار ، ومن لم يدخل في الولاية لا يخرج من الدّنيا الّا بعد عرض الولاية عليه وظهور علىّ (ع) لديه حتّى ينكر أو يقبل ؛ فيشقى أو يسعد ، روى عن الصّادق (ع): انّ الله إذا أراد ان يخلق خلقا جمع كلّ صورة بينه وبين آدم (ع) ثمّ خلقه على صورة احديهنّ فلا يقولنّ أحد هذا لا يشبهني ولا يشبه شيئا من آبائي ، وفي حديث خلق الإنسان وتصويره في الرّحم ؛ ثمّ يبعث الله ملكين خلّاقين يخلقان في الأرحام ما يشاء الله يقتحمان في بطن المرأة من فم المرأة فيصلان الى الرّحم وفيها يعنى في النّطفة الرّوح القديمة المنقولة في أصلاب الرّجال وأرحام النّساء فينفخان فيها روح الحيوة والبقاء ويشقّان له السّمع والبصر وجميع الجوارح وجميع ما في البطن بإذن الله تعالى ثمّ يوحى الله الى الملكين : اكتبا عليه قضائي وقدري ونافذا أمرى واشترطا لي البداء فيما تكتبان ، فيقولان : يا ربّ ما نكتب؟ ـ قال : فيوحى الله عزوجل إليهما : ان ارفعا رؤسكما الى رأس أمّه فيرفعان رؤسهما فاذا اللّوح يقرع جبهة أمّه فينظران فيه فيجدان في اللّوح صورته وزينته واجله وميثاقه شقيّا أو سعيدا وجميع شأنه ، قال : فيملى أحدهما على صاحبه فيكتبان جميع ما في اللّوح ويشترطان فيه البداء فيما يكتبان ثمّ يختمان الكتاب ويجعلانه بين عينيه ثمّ يقيمانه قائما في بطن أمّه قال : فربّما عتا فانقلب ولا يكون ذلك الّا في كلّ عات أو مارد ، وإذا بلغ أو ان خروج الولد (الى ان قال) فيزجره الملك زجرة فيفزع منها الولد فينقلب فيصير رجلاه فوق رأسه ورأسه في أسفل البطن ليسهّل الله على المرأة وعلى الولد الخروج ؛ الى آخر الحديث. واقتحام الملكين من فم المرأة كناية عن دخولهما عن الجهة الّتى بها بقاء الامّ وهي الجهة الغيبيّة والّا فلا جهة لدخول الملك وخروجه في عالم الطّبع لانّه خارج عن الجهات فلا يتحدّد بالجهات ، وكتابة القضاء والقدر من اللّوح القارع جبهة الامّ كناية عن استنباط أحوال ما بالقوّة عن المحلّ الّذى تلك القوّة فيه وتأثّر ما بالقوّة عن المحلّ بآثاره ، واشتراط البداء لكون ما بالقوّة قد يتأثّر من الأسباب الخارجة عن