أعطى عيسى (ع) تسعة أجزاء من الخطّ وسائر النّاس جزءا واحدا (وَالْحِكْمَةَ) آثار الولاية (وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) خصّ الكتابين لشرفهما بالنّسبة الى سائر الكتب السّالفة (وَرَسُولاً) عطف على يعلّمه الكتاب على ان يكون هو عطفا على ما قبل قالت ربّ انّى يكون لي ولد أو عطف عليه بتقدير يرسله أو يكلّم رسولا (إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) خصّ بنى إسرائيل لانّه كان رسولا إليهم ، أو لانّهم كانوا أشرف المرسل إليهم ، أو لانّ المراد ببني إسرائيل من لم ينقطع نسبته الفطريّة الى الأنبياء فانّهم المنتفعون بهم والمرسل إليهم حقيقة (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ) بانّى قد جئتكم على تقدير التكلّم والنّطق قبل رسولا أو تضمين رسولا معنى النّطق (بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) حجّة لا تشكّون انّها ليست من قوّة البشر على صحّة نبوّتي (أَنِّي أَخْلُقُ) بدل من آية من ربّكم أو بدل من انّى قد جئتكم أو خبر مبتدء محذوف اى هي انّى أخلق (لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ) اى في هذا الطّين أو في المخلوق من الطّين أو مماثل هيئة الطّير على ان يكون الكاف اسما (فَيَكُونُ طَيْراً) اى حيّا ذا لحم وعظم وجناح وطيران ولمّا كان صيرورة الطّين لحما وعظما وجناحا وذا حيوة ممّا يخرج من قدرة البشر قيّده بقوله تعالى (بِإِذْنِ اللهِ) لئلّا يتوهّم متوهّم ما توهّمه النّصارى في حقّه والمعروف انّه الخفّاش المعروف (وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ) الأعمى أو الّذى ولد أعمى أو الممسوح العين (وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ) تكرار بإذن الله للاهتمام بدفع ذلك التوهّم ، ولمّا كان الغالب في زمان عيسى (ع) والمعتبر في انظار اهله الطبابة والمعالجات الغريبة الّتى يعجز عن أمثالها أكثر اطبّاء الأمصار اعطى الله تعالى عيسى (ع) آية من سنخ ما كان معتبرا عندهم خارجة عن قدرة البشر حتّى يعترفوا بعد ما عرفوا بحذاقتهم انّها خارجة عن قدرتهم بأنّها من الله (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) يعنى أخبركم بأحوالكم الّتى هي معلومة لكم وغائبة عنّى حتّى تعلموا انّى اعلم المغيبات (إِنَّ فِي ذلِكَ) المذكور من خلق الطيّر من الطّين الى قوله (وَما تَدَّخِرُونَ) أو في ذلك الأنباء (لَآيَةً) عظيمة (لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) اى ان كان سجيّتكم الإذعان والتّصديق بما يذعن به أو ان كنتم مؤمنين بالأنبياء السّلف ، نسب الى الباقر (ع) انّه قال : انّ عيسى (ع) كان يقول لبني إسرائيل : انّى رسول الله إليكم وانّى أخلق لكم من الطّين كهيئة الطّير فانفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص ، والأكمه هو الأعمى قالوا : ما نرى الّذى تصنع الّا سحرا فأرنا آية نعلم انّك صادق قال : أرأيتكم ان أخبرتكم بما تأكلون وما تدّخرون في بيوتكم يقول ما أكلتم في بيوتكم قبل ان تخرجوا وما ادّخرتم باللّيل تعلمون انّى صادق؟ ـ قالوا : نعم وكان يقول : أنت أكلت كذا وكذا ، وشربت كذا وكذا ، ورفعت كذا وكذا ، فمنهم من يقبل منه فيؤمن ، ومنهم من يكفر ، وكان لهم في ذلك آية ان كانوا مؤمنين (وَمُصَدِّقاً) عطف على رسولا أو على قد جئتكم بتقدير جئت أو عطف على أخلق بتقدير كنت أو جئت بان جعل تصديقه للتّورية آية صدقة والمعنى انّى قد جئتكم بآية من ربّكم انّى كنت مصدّقا (لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ) عطف على مصدّقا باعتبار المعنى فانّ المقصود منه التّعليل أو عطف على جئت مصدّقا بتقدير جئت أو عطف على قد جئت بآية من ربّكم بتقدير جئت لاحلّ لكم (بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) ببغيكم مثل كلّ ذي ظفر وشحوم البقر والغنم