القيام في العبادة أو ادعى أو اسكتي (لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي) اخضعى أو انحنى (وَارْكَعِي) صلّى أو كبّى على وجهك وامّا معنى القنوت والسّجود والرّكوع الشرعيّة فغير مراد قطعا إذا لحقائق الشرعيّة على فرض ثبوتها انّما هي في شريعتنا لا في الشّرائع السّابقة على انّ قنوت صلوة شريعتنا وسجودها وركوعها غير ثابتة في شريعتها وعلى هذا فلا حاجة الى بعض التّوجيهات ولا الى القول بانّ الآية ممّا قدّم وأخّر بعض اجزائها (مَعَ الرَّاكِعِينَ) اى المصليّن الإتيان باسم الفاعل الدالّ على دوام الفعل وثباته دون الّذين ركعوا للاشارة الى انّ الأمر امر بدوام الرّكوع فانّ المصاحب بفعله لدائم الفعل لا بدّ ان يكون دائم الفعل ، والإتيان بجمع المذكّر للاشارة الى تشريفها بجعلها في عداد الرّجال (ذلِكَ) الاخبار باخبار امّ مريم (ع) وزكريّا (ع) ومريم (ع) (مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ) اى من الأنباء الّتى كانت في غيب منك أو من أنباء الغائبين والغائبات منك (نُوحِيهِ إِلَيْكَ) خبر بعد خبر أو حال أو خبر ابتداء أو مستأنف جواب لسؤال مقدّر (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) قد مضى حكاية القرعة في كفالة مريم (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) في كفالة مريم حين لفّتها أمّها في خرقة وأتت بها الى الأحبار أو حين كبرها وعجز زكريّا عن تربيتها كما قيل ، ويجوز ان يراد إذ يختصمون عند ولادة عيسى (ع) (إِذْ قالَتِ) بدل من قوله (إِذْ يَخْتَصِمُونَ) أو من قوله (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ) وقوله (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) إذ قالت (الْمَلائِكَةُ) تعليل لكون الاخبار في غيب منه (يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ) قد مضى وجه تسمية عيسى (ع) لكلمة الله (اسْمُهُ الْمَسِيحُ) وهو بالعربيّة بمعنى المبارك وله معان أخر تناسب التّسمية بها وقيل هو معرّب مشيحا بالسّريانية بمعنى المبارك (عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) خبر بعد خبر أو خبر مبتدء محذوف (وَجِيهاً) حال مقدّرة من كلمة والجاه والوجاهة رفعة المنزلة (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) من الله (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ) هو ما يمهد لمضجع الصبىّ (وَكَهْلاً) يعنى يكلّم النّاس في طفوليّة كما تكلّم حين الشّهادة لنفسه ولأمّه بالطّهارة عن السّفاح بقوله (إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ) أو (يُكَلِّمُ النَّاسَ) في طفوليّته بالرّسالة والمحاجّة عليها فانّه بعث في ابن خمس أو ابن سبع وفي زمان بلوغه مبلغ الكمال لا الكهولة العرفيّة على ما قيل انّه رفع في شبابه وقيل : انّ المراد بتكلّمه كهلا تكلّمه حين نزوله من السّماء (وَمِنَ الصَّالِحِينَ قالَتْ) مثل زكريّا (ع) مستغربة بحسب الأسباب الطبيعيّة (رَبِّ أَنَّى) كيف (يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) ويجوز ان يكون استفهاما وسؤالا لتعلم انّ الولد يكون بلا زوج أو يكون بعد تزوّجها (قالَ كَذلِكِ) الولد من غير مسيس البشر (اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً) استيناف جواب سؤال مقدّر عن كيفيّة خلقه ما يشاء (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) من غير أسباب كما جرى سنّته بان يخلق الأشياء الطبيعيّة تدريجا بالأسباب (وَيُعَلِّمُهُ) قرئ بالنون وبياء الغيبة وهو عطف على يخلق أو على الله يخلق أو على كذلك الله يخلق ما يشاء ، ويجوز ان يكون عطفا على ما قبل قوله تعالى : قالت (رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ) ويكون هذا القول معترضا حتّى يكون تعليمه الكتاب ممّا بشّرت به والمعنى انّ الله يبشّرك بكلمة يعلّمه (الْكِتابَ) قد مضى تحقيق الكتاب في اوّل الكتاب ويجوز ان يراد به الكتابة هنا فانّه قيل انّ الله