(كَيْفَ يَهْدِي اللهُ) اشارة الى المرتدّ الملّىّ اى لا يهدى الله الى الايمان فانّ الإسلام طريق الايمان وهداية اليه أو الى الآخرة والجنان (قَوْماً كَفَرُوا) بالله أو بالرّسول أو بما جاء به من الأحكام أو بقوله في حقّ خليفته (بَعْدَ إِيمانِهِمْ) ايمانا عامّا بالبيعة العامّة أو ايمانا خاصّا بالبيعة الخاصّة (وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌ) عطف على ايمانهم بتقدير اداة المصدر أو على كفروا أو حال بتقدير قد (وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) المعجزات أو الادلّة الواضحات على حقّيّة الرّسول (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) جملة حاليّة في مقام التّعليل والمعنى لا يهديهم لانّهم ظلموا أنفسهم وقواهم وظلموا الإسلام وصاحب الإسلام بخروجهم عنه والله لا يهدى القوم الظّالمين فهو اشارة الى قياس اقترانىّ من الشّكل الاوّل هكذا : انّهم ظالمون وكلّ ظالم لا يهديه الله فانّهم لا يهديهم الله (أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) يعنى تبعيد الله أو دعاء الله باللّعنة عليهم (خالِدِينَ فِيها) في اللّعنة أو في الجحيم المستفادة بالالتزام (لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) بتأخير العذاب عنهم مدّة ولاقتضاء مقام الغضب البسط والتّغليظ والتّشديد بسط الله تعالى في الكلام وشدّد عليهم (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) الكفر بعد الإسلام (وَأَصْلَحُوا) ما أفسدوه حين الكفر وهو استثناء من قوما أو من أولئك لا عن فاعل خالدين ولا عن المجرور في قوله عنهم ولا عن مرفوع ينظرون لا يهام الكلّ خلاف المقصود والمعنى أولئك عليهم لعنة الله الّا الّذين تابوا منهم لانّهم كما سبق ما قطعوا الحبل من الله المقتضى لاستعداد التّوبة ويقبل الله توبتهم (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ) يغفر مساويهم بعد رجوعهم اليه (رَحِيمٌ) يتفضّل عليهم ويرحمهم بعد مغفرتهم. روى انّ نزول الآية في رجل من الأنصار ارتدّ بواسطة قتل وقع منه ولحق بمكّة ثمّ ندم وأرسل الى قومه ان سألوا رسول الله (ص) فنزلت فرجع الى المدينة وحسن إسلامه ، لكنّها تجري في كلّ من ارتدّ بإنكار الله أو الرّسول أو بعض احكامه أو بعض أقواله (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بيان للمرتدّ الفطرىّ (بَعْدَ إِيمانِهِمْ) العامّ أو الخاصّ (ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) بحيث يؤدّى الى ابطال الفطرة وقطع حبل الله (لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) الإتيان بأداة نفى التّأبيد للاشعار بأنّهم ما بقي لهم استحقاق التّوبة وقبولها لقطع ما به الاستعداد والاستحقاق (وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) يعنى انّ الضّلال على الإطلاق منحصر بمن قطع الفطرة وامّا من لم ـ يقطع الفطرة وان ارتدّ عن الإسلام لم يكن ضالّا على الإطلاق لبقاء الهداية التّكوينيّة له (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بيان لحال من بقي على الكفر (وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ) التّقييد بهذا القيد للاشعار بانّ الكافر يمكن ان يموت على الإسلام فلا يجوز بغض الكافر من حيث ذاته في حال كفره وحيوته ، ولا لعنه بعد مماته الّا لمن علم حاله في حيوته وانّه يموت على الكفر ، أو من سمع من صادق بصير بحاله انّه مات أو يموت على الكفر ، وللاشارة اليه قال المولوىّ قدسسره :
هيچ كافر را بخوارى منگريد |
|
كه مسلمان مردنش باشد اميد |
چه خبر داري ز ختم عمر أو |
|
تا بگردانى از أو يكباره رو |
لكن ان ماتوا على الكفر (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً) تميز محوّل عن الفاعل أو منصوب بنزع الخافض اى ملء الأرض من ذهب (وَلَوِ افْتَدى بِهِ) نفسه اى ولو بالغ في الافتداء به فانّ