غير اهله يستوي فيه المذكّر والمؤنّث والواحد وغيره (مِنْ دُونِكُمْ) متعلّق بلا تتّخذوا ، ولفظة من ابتدائيّة ، أو صفة لبطانة ولفظة من تبعيضيّة ؛ والمعنى لا تتّخذوا خليلا بعضها من غيركم (لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً) اى لا يقصرون الخبال والفساد فيكم أو لا يتوانون في الخبال فيكم وعلى اىّ تقدير فخبالا تميز وضمير الخطاب مفعول به على الاوّل ومنصوب بنزع الخافض على الثّاني ، أو هما مفعولان بتضمين معنى المنع ومثله (وَدُّوا ما عَنِتُّمْ) اى عنتكم وهو شدّة الضّرر والمشقّة (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) في ضمن كلامهم لعدم تمالكهم من شدّة البغض مع انّهم بنفاقهم يريدون ان يظهروا التّودّد لكم والجمل الثلاث أوصاف لبطانة أو أحوال مترادفة أو متداخلة عنه لتخصّصه بقوله من دونكم أو عن فاعل لا تتّخذوا أو عن كليهما أو مستأنفة في مقام التّعليل (وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ) من البغضاء عليكم (أَكْبَرُ) ممّا يظهر من أفواههم (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ) والعلامات الدّالّة على بغضائهم لكم وشدّة عداوتهم فما لكم تتّخذونهم بطانة (إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) ذوي عقول أو تدركون بعقولكم تلك العلامات اجتنبتم موالاتهم (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ) أنتم مبتدأ وأولاء خبره وتحبّونهم حينئذ خبر بعد خبر أو حال أو مستأنف أو أنتم مبتدأ وأولاء مفعول من باب الاشتغال وخبره الفعل المقدّر وتحبّونهم مفسّر أو أنتم مبتدأ وتحبّونهم خبره وأولاء بدل أو منادى ، أو أولاء بمعنى الّذين خبره وتحبّونهم صلة أولاء (وَلا يُحِبُّونَكُمْ) تقريع لهم على موالاتهم (وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ) اى الكتاب المنزل عليكم ولستم كمن آمن ببعض وكفر ببعض وقد تكرّر في الكتاب الإلهيّ النّهى عن اتّخاذ الكافرين أولياء لانّ من يتولّاهم فهو منهم والأمر باتّخاذ المؤمنين أولياء فما لكم تؤمنون بالكتاب كلّه ولا تتّبعون هذا النّهى والأمر فهو تهييج لهم على ترك موالاتهم ، وما قاله مفسّروا العامّة من انّ المعنى تؤمنون بكتابهم وكتابكم وهم لا يؤمنون بكتابكم بعيد من سياق اللّفظ (وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا) وجه آخر لردعهم عن موالاة الكفّار المخالطين لهم بانّهم يعاشرونهم على النّفاق ولا ينبغي للمؤمنين ان يوالي المنافق الّذى يكون ذا لسانين (وَإِذا خَلَوْا) عنكم (عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) لعصبيّتهم لدينهم (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ) الخطاب لمحمّد (ص) أو لكلّ من يتأتّى منه الخطاب وهو دعاء عليهم بزيادة الغيظ وشدّته حتّى يهلكوا به ، أو بدوام الغيظ لقوّة الإسلام الى آخر أعمارهم ، أو زجر لهم على غيظهم (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) بما صحب الصّدور ولزمها فكيف لا يعلم ما يظهر على الأعضاء في الخلوات من مثل عضّ الأنامل وهو من جملة مقول القول في مقام تعليل الموت بالغيظ أو هو من الله وجواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل: كيف يعلم الله عضّهم الأنامل؟ ـ فقال : انّ الله يعلم ما هو أخفى منه ، أو قيل : كيف علمت يا محمّد (ص)؟ ـ فقال : انّ الله يعلم ما هو أخفى منه فيخبرني به (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ) وجه آخر لردعهم عن موالاتهم (وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها) وهذه حالة العدوّ وحقّه العداوة لا الموالاة (وَإِنْ تَصْبِرُوا) عن موالاتهم مع خوفكم عن إيذائهم وعلى إيذائهم ان آذوكم (وَتَتَّقُوا) الله في موالاتهم أو تتّقوا عنهم بان تكونوا على حذر منهم حتّى لا يصل إليكم اثر احتيالهم (لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) فثقوا بالله ولا تكلوا على موالاتهم في دفع مضرّاتهم (إِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) في موضع التّعليل قرء بالخطاب وبالغيبة (وَإِذْ غَدَوْتَ) عطف على