لا تتّخذوا اى واذكروا يا محمّد (ص) ويا أمّة محمّد (ص) أو ذكّرهم يا محمّد (ص) بنصرة الله وتأييده في مواطن عديدة حتّى تقوّيهم فلا يخافوا من الكفّار ولا يولّوهم الأدبار خوفا منهم إذ خرجت بالغداة (مِنْ أَهْلِكَ) الى جبل أحد (تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ) تنزل كلّا في مقامه اللائق به (مَقاعِدَ) امكنة مناسبة (لِلْقِتالِ) فانّ المقعد وان كان مأخوذا من القعود يستعمل في معنى الموقف والمقام من غير اعتبار قعود فيه كاستعمال المقام في مطلق الموقف والمكان من غير اعتبار قيام فيه (وَاللهُ سَمِيعٌ) والحال انّ الله كان سميعا لأقوالكم حين التّشاور (عَلِيمٌ) بنيّاتكم حين ترجيح بعضكم القتال في المدينة وسككها وبعضكم الخروج الى خارج المدينة ، أو المعنى انّ الله سميع لأقوالكم حين الفشل والفرار عليم بأحوالكم ونيّاتكم وهو وعيد للمنافقين ووعد للصّادقين. نسب الى الصّادق (ع) انّه قال سبب غزوة أحد انّ قريشا لمّا رجعت من بدر الى مكّة وقد أصابهم ما أصابهم من القتل والأسر لانّه قتل منهم سبعون وأسر منهم سبعون قال ابو سفيان : يا معشر قريش لا تدعوا نساءكم يبكين على قتلاكم فانّ الدّمعة إذا خرجت أذهبت الحزن والعداوة لمحمّد (ص) ، وخرجوا من مكّة في ثلاثة آلاف فارس وألفي راجل واخرجوا معهم النّساء فلمّا بلغ رسول الله (ص) ذلك جمع أصحابه وحثّهم على الجهاد فقال عبد الله بن أبىّ : يا رسول الله لا تخرج من المدينة حتّى نقاتل في أزقّتها فليقاتل الرّجل الضّعيف والمرأة والعبد والامة على أفواه السّكك وعلى السّطوح فما أرادنا قوم قطّ فظفروا بنا ونحن في حصوننا ودورنا وما خرجنا على عدوّ لنا قطّ الّا كان لهم الظّفر علينا ، فقام سعد بن معاذ وغيره من الأوس فقال : يا رسول الله ما طمع فينا أحد من العرب ونحن مشركون نعبد الأصنام فكيف يظفرون بنا وأنت فينا؟ ـ لا حتّى نخرج إليهم نقاتلهم ؛ فمن قتل منّا كان شهيدا ومن نجا منّا كان مجاهدا في سبيل الله ، فقبل رسول الله (ص) رأيه وخرج مع نفر من أصحابه يتبوّءون موضع القتال كما قال سبحانه : وإذ غدوت من أهلك وقعد عنهم عبد الله بن ابىّ وجماعة من الخزرج اتّبعوا رأيه ، ووافت قريش الى أحد وكان رسول الله (ص) عبّأ أصحابه وكانوا سبعمائة رجل فوضع عبد الله بن جبير في خمسين من الرّماة على باب الشّعب وأشفق ان يأتيهم كمينهم من ذلك الشّعب فقال رسول الله (ص) لعبد الله وأصحابه : ان رأيتمونا قد هزمناهم حتّى أدخلناهم مكّة فلا تبرحوا من هذا المكان ، وان رأيتموهم قد هزمونا حتّى أدخلونا المدينة فلا تبرحوا والزموا مراكزكم ، ووضع ابو سفيان خالد بن وليد في مأتى فارس كمينا ؛ وقال : إذا رأيتمونا قد اختلطنا فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتّى تكونوا وراءهم (الى آخر ما روى) (إِذْ هَمَّتْ) بدل من إذ غدوت أو ظرف لسميع وعليم (طائِفَتانِ مِنْكُمْ) هما بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس وكانا جناحي العسكر وقيل : كانتا طائفة من الأنصار وطائفة من المهاجرين وكان سبب همّهم بالفشل انّ عبد الله بن ابىّ بن سلول دعاهما الى الرّجوع الى المدينة عن لقاء المشركين يوم أحد فهمّتا به ولم تفعلاه (أَنْ تَفْشَلا) تضعفا وتجبنا (وَاللهُ وَلِيُّهُما) فلا يدعهما ان تفشلا وتفرّا وهو جملة حاليّة ، أو المعنى والله وليّهما فلا ينبغي لهما ان تفشلا (وَعَلَى اللهِ) لا على غيره كعبد الله بن ابىّ (فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ) عطف على قوله (وَاللهُ وَلِيُّهُما) أو حال والمقصود الاشارة الى تعليل الأمر بالتّوكّل وتعليل ولايته (بِبَدْرٍ) موضع بين المدينة ومكّة كان لرجل يسمّى بدرا فسمّى به (وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) في انظار النظّار من حيث العدّة والعدّة إذ كنتم قليلين ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا وكنتم رثّ الهيئة من حيث اللّباس ولم يكن فيكم سلاح ولا مراكب الّا قليلا (فَاتَّقُوا اللهَ) في الاعتماد على