الغير والاستمداد من الغير (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) تتّصفون بمقام الشّكر أو تشكرون نعمة نصرته لكم أو تنعّمون بنعمة اخرى من النّصر وغيره فتشكرون على ان يكون تشكرون قائما مقام تنعّمون من قبيل اقامة المسبّب أو السّبب مقام السّبب أو المسبّب (إِذْ تَقُولُ) ظرف لنصركم أو بدل من قوله إذ همّت أو بدل ثان من قوله إذ غدوت يعنى انّ الله كان سميعا إذ تقول (لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ) في مقام الاستدلال على صدق النّبىّ (ص) ووعده ، أو في مقام المحاجّة على الأعداء ، أو في مقام المقاتلة مع الأعداء ، والإتيان بلن الدّالّة على تأبيد النّفى للاشارة الى انّهم ظنّوا بحسب غفلتهم وعدم تفكّرهم وضعف انتقالهم أو بحسب قلّة عددهم وعددهم انّه لن يكفيهم أبدا (أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ بَلى) محكىّ لقول النبىّ (ص) أو ابتداء كلام من الله خطابا لمحمّد (ص) وأمّته كأنّه قال الله تعالى بلى يكفيكم فهي إيجاب للكفاية وليس قوله تعالى (إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) بيانا لما افادته بلى بل هو وعد لهم بالزّيادة على هذا العدد في الأمداد بشرط الثّبات والتّقوى عن الفشل والفرار فان تصبروا (وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا) الفور مصدر فار إذا غلى أستعير للسّرعة ثمّ استعمل في الزّمان الحاضر الّذى لا تراخى فيه أصلا ، أو من فوران الغضب يعنى ان يأتوكم من أجل شدّة غضبهم (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) معلّمين بعلامات يمتازون بها عن غيرهم وقرئ بكسر الواو من سوّم على القوم أغار عليهم ويستفاد من بعض الاخبار انّه كما كان النّصر ببدر كان هذا الوعد أيضا ببدر وانّ الملائكة النّازلة كانت اوّلا ثلاثة آلاف ثمّ لحق بهم الفان ، وفي بعض الاخبار اشارة الى انّ هذا الوعد كان في غزوة أحد (وَما جَعَلَهُ اللهُ) اى امدادكم بالملائكة (إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ) عن الاضطراب (بِهِ) يعنى ما كان المقصود من الأمداد بالملائكة الّا البشارة لكم لتسرّوا قبل الظّفر ولتطمئنّ قلوبكم قبل ان تقرّ عيونكم بالغلبة والقتل لانّ الانظار البشريّة على الأسباب الحسّيّة (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) من غير توسّط أسباب وآلات ومن دون الحاجة الى إمداد واستعداد (الْعَزِيزِ) الّذى لا يمنع من مراده (الْحَكِيمِ) الّذى لا ينصر ولا يخذل الّا لحكم ومصالح عائدة إليكم (لِيَقْطَعَ) متعلّق بقوله (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ) أو بقوله يمددكم أو بالنّصر في قوله (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) أو متعلّق بمحذوف اى جعل هذا النّصر لكم ليقطع (طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالقتل والأسر كما وقع في بدر (أَوْ يَكْبِتَهُمْ) كبته صرعة وأخزاه وصرفه وكسره وردّه بغيظه واذلّه والكلّ مناسب ولفظة أو للتّنويع (فَيَنْقَلِبُوا) يرجعوا (خائِبِينَ) غير نائلين من آمالهم شيئا (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) جملة معترضة بين المتعاطفات وقطع لظنّ المؤمنين في انّ امر إهلاك المشركين أو احيائهم بايمانهم منوط بمسئلة النّبىّ (ص) (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) الظّاهر انّه عطف على ما قبل قوله (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) ويجوز ان يكون عطفا على الأمر أو على شيء بتقدير ان ويجوز ان يكون أو بمعنى حتّى بتقدير ان اى ليس لك من أمرهم شيء حتّى يتوب الله عليهم بمسئلتك ، أو يكون بمعنى الّا بتقدير ان اى ليس لك من أمرهم شيء الّا ان يتوب الله عليهم فتسّر بتوبته وعلى التّقادير الاربعة فقوله (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ) يكون منقطعا جوابا لسؤال مقدّر (أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) نسب الى الباقر (ع) انّه قرء ان تتوب عليهم أو تعذّبهم بإظهار ان ولفظ الخطاب ونسب اليه