أيضا انّه قرء ان يتب عليهم أو يعذّبهم وعنه (ع) انّه قرئ عنده ليس لك من الأمر شيء قال بلى والله انّ له من الأمر شيئا وشيئا وليس حيث ذهبت ولكنّى أخبرك انّ الله تعالى لمّا أخبر نبيّه (ص) ان يظهر ولاية علىّ (ع) ففكّر في عداوة قومه له فيما فضّله الله به عليهم في جميع خصاله وحسدهم له عليها ضاق عن ذلك فأخبر الله انّه ليس له من هذا الأمر شيء انّما الأمر فيه الى الله ان يصيّر عليّا وصيّه وولىّ الأمر بعده فهذا عنى الله وكيف لا يكون له من الأمر شيء وقد فوّض الله اليه ان جعل ما أحلّ فهو حلال وما حرّم فهو حرام قوله تعالى (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ، وروى عنه (ع) أيضا انّ رسول الله (ص) كان حريصا على ان يكون علىّ (ع) من بعده على النّاس وكان عند الله خلاف ما أراد فقال له : ليس لك من الأمر شيء يا محمّد (ص) في علىّ (ع) الأمر الىّ في علىّ (ع) وفي غيره الم انزل عليك يا محمّد (ص) فيما أنزلت من كتابي إليك (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) قال ففوّض رسول الله (ص) الأمر اليه (وَلِلَّهِ) من حيث كونه فاعلا وغاية ومالكا (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) بعد ما نفى كون الأمر بيده اثبت مخلوقيّة الجميع ومملوكيّتها ورجوعها اليه تعالى (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) يعنى امر مغفرتهم وتعذيبهم بيده تعالى (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ترجيح لجانب الغفران وردع له (ص) وللمؤمنين عن التّبادر الى الدّعاء واللّعن عليهم وتغليب للرّجاء على الخوف (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ابتداء كلام لابداء حكم من احكام السّياسات وانّما صدّره بالنّداء ليجبر كلفة النّهى عمّاهم عليه من الرّباء بلذّة النّداء والخطاب (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا) لا تأخذوها وقد شاع استعمال الأكل في مطلق الأخذ والتصرّف امّا لانّ الأكل عمدة افراد التصرّف أو لانّ كلّ تصرّف أكل لقوّة من القوى (أَضْعافاً) جمع الضّعف بمعنى مثلي الشّيء (مُضاعَفَةً) تأكيد للتضعيف والمعنى أمثال ما عيّنتموه في المدّة الاولى أو من شأنه ان يصير أمثال أصل المال في يسير زمان بتكرار الأجل وتكرار الزّيادة كما كانوا في السّابق يربى الرّجل منهم الى أجل ثمّ يزيد فيه زيادة اخرى وهكذا حتّى يستوفي بالشّيء اليسير في الزّمان القليل جميع مال المديون فهو نهى عن أقبح افراده أو نهى عنه مطلقا ببيان قبحه الشّأنىّ حتّى يكون علّة للنّهى وليس تقييدا للنّهى حتّى يكون بمفهوم مخالفته منافيا لما سبق في سورة البقرة من النّهى عنه مطلقا ضمنا ولما يأتى في سورة النّساء من التّصريح بالنّهى عنه مطلقا (وَاتَّقُوا اللهَ) في ارتكاب ما نهيتم عنه من الرّبوا (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) بالتجنّب عن مثل أفعالهم من أكل الرّبوا ، وغيره وقد سبق وجه تحريم الرّبوا في سورة البقرة عند قوله تعالى (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ،) وبعد ما نهى عمّا يضرّ الإنسان ويجرّه الى النّيران اغراه الى ما ينفعه ويجرّه الى الجنان فقال (وَأَطِيعُوا اللهَ) بطاعة الرّسول فيما أمركم به ونهاكم عنه ولذلك لم يكرّر أطيعوا وقال (وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) قد سبق انّ الإتيان بأدوات التّرجّى من عادة الكبار من النّاس وانّ التّرجّى من الله واجب غير متخلّف عنه (وَسارِعُوا) بالمسارعة الى طاعة الرّسول والاهتمام بها (إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ).